٣٠‏/١١‏/٢٠١٠

المذيع عبدالله حمزة: مسؤولو التلفزيون السعودي حاربوني ودبّروا لي المكائد


                    




بسم الله الرحمن الرحيم




22%D8%B3.png

اختيارات نختارها من الشبكة للأماجد





كشف في حوار مع "سبق" سرّ منعه من الظهور الإعلامي لمدة 8 سنوات
المذيع عبدالله حمزة: مسؤولو التلفزيون السعودي حاربوني ودبّروا لي المكائد
المذيع السعودي عبدالله حمزة
- قيادي حالي في التلفزيون السعودي استغرب نقل معلومة بالهاتف خلال تحرير الكويت.
- طلبت الصحف فرد عليَّ المسؤول "معصي".
- اشتهيت تناول المخلل فـ"نقلت" ذلك للمشاهدين بالخطأ.
- أنتجت وأخرجت برامجي ووضع عليها اسم مخرج نائم في منزله.
- بيير غنام كان يقرر الحق والباطل في شؤون الأمة عبر الـmbc.
- التلفزيون السعودي تجاهل من ساهموا في بنائه ولم يذكرهم سوى الأرشيف.
- قد اتجه مستقبلاً للعمل في قناة الصومال.
 
حوار- عبدالله البرقاوي - سبق - الرياض: عندما تسمع صوته تعود بك الذاكرة للماضي الجميل، بدايات التلفزيون السعودي وقناته الأولى، أحد أبرز المذيعين السعوديين القدامى، عاصر أجيال الإذاعة والتلفزيون، حورب ودبرت له المكائد، منع من الظهور الإعلامي لأكثر من 8 سنوات، صمد أمام هذه العقبات وعاد لهوايته عبر قناة المجد، خنقته العبرة وبكى على الشباب الفلسطيني والنساء العراقيات.

المذيع السعودي المخضرم عبدالله حمزة كان لنا معه هذا الحوار الصحفي الذي فتح النار من خلاله على جميع الاتجاهات، قال إن المسؤولين عن الإخراج والإذاعة في التلفزيون السعودي كانوا الأقل انتاجاً وأكثر ضعفاً في الحضور والمهارات، وكشف عن شخص يدير توجهات قناة الـmbc عبر أفكاره ويقرر الحق والباطل في شؤون الأمة، المذيع عبدالله حمزة خص "سبق" بكشف سر توقفه عن العمل لمدة 8 سنوات، مشيراً إلى أن هذا الأمر كان بفعل فاعل، وبيّن المذيع السعودي القدير تفاصيل إيجابيات وسلبيات مسيرته الإعلامية في اللقاء الذي نترككم مع تفاصيله:

عبدالله حمزة مذيع سعودي مخضرم، متى ألتحق بالتلفزيون وكيف؟
كان التحاقي بالتلفزيون السعودي عام 1395هـ، ولهذا الأمر قصة غريبة، وفيها عبرة، فمنذ صغري كنت قارئاً "نهماً" إن صحت التسمية، وكوَّن هذا لدي حصيلة من المفردات وقواعد اللغةدون ان اعرف ماقدره الله لي في مسيرتي العلمية والعملية ، حيث انني كنت مغرمآ بالطيران وكنت اخطط ان اصبح طيارآ ، لكن في السنة الثانوية الاخيرة ( التوجيهي ) اصطحبني احد الاصدقاء ، وكان ممثلآ في المسلسلات التي كان ينتجها التلفزيون السعودي عندما كان ( ابيض × اسود ) ، ، وأثناء دخولنا من بوابة تلفزيون الرياض (وكان عبارة عن هنجر كبير) كان يقف في المدخل مدير التلفزيون آنذاك الأستاذ فوزان الفوزان- رحمه الله- ومعه الأستاذ ماجد الشبل متعه الله بالصحة والعافية، وبعد التحية والسلام، بادر صديقي ولديه ملكة (اللقافة) الأستاذ فوزان بقوله: تأخذون عبدالله (ويشير صوبي) مذيعاً عندكم ؟؟ فأجاب- رحمه الله- الفوزان: دعه يذهب لغالب كامل كي يجري التجربة، في تلك اللحظه تغير مسار حياتي العملي (وطار حلم الطيران)، وكم كانت سعادتي كبيرة برؤية الأستاذ (غالب كامل)، الذي أجرى لي التجربة، وأجازني مذيعاً، متعه الله بالصحة والعافية.

ما مقدار أول راتب استلمته كمذيع؟
لأني لم أكن قد أكملت الثانوية وقت دخولي التلفزيون عام 95هـ، تم إلحاقي كمذيع متعاون على (بند الأجور) أو المكافآت، كما كانت تسمى ولا تزال، أتقاضى ما لا يتجاوز 70 ريالاً (للفترة) الواحدة وهكذا تسمى؛ أي يوم العمل من 3 عصراً، وحتى نهاية الإرسال، ولولا أني أدرك أهمية الإعلام، واستيعابي المتدرج لمفرداته، لانسحبت منذ الأيام الأولى. واستمر الحال (كفافاً) حتى أصدر د. محمد عبده يماني وزير الإعلام وقتها عام1401هـ قراراً بتعييني على المرتبة السادسة، براتب وقدره 6 آلاف ريال وكسور، وشوية فكَّه!. وعندما بعثت باستقالتي عام 1412هـ لم يكن راتبي يتجاوز الـ 8000 ريال (بدون فكة).

دخلت التلفزيون في فترة توهج وبروز أسماء لامعة "غالب كامل، ماجد الشبل" وغيرهما، كيف استطعت إثبات وجودك بين هؤلاء النخبة؟
مع احترامي وتقديري لجميع الأساتذة والزملاء المذيعين، لم أكن أحسب حساباً إلا لاثنين، غالب كامل "تلفزيون"، وعبدالله الزيد "إذاعة"، فهما مذيعان بالفطرة، ويملكان مقومات الصوت الرخيم، ومخارج الحروف والنطق واللغة السليمة، كما أنهما كانا ولا يزالان من ذوي الخلق الرفيع. والمضحك أنني ذكرت للأستاذ غالب إعجابي به أثناء مراقبته لتجربتي، وربما كان يعتقد حينها أنني أنافقه، كي يجيزني، لهذا فأنا لا أزل أقولها وبكل ثقة وقناعة.

هل واجهت معوقات في بداياتك؟ بمعنى آخر هل حوربت؟
بكل أسف وألم (نعم).. واجهت حرباً ضروساً، بل مكائد وإشاعات ضدي من البعض، ولا سيما عندما أصبحت قارئاً للأخبار بعد 7 سنوات من الصبر والمعاناة، لكن ما حز في النفس أن بعض تلك المكائد كانت تأتي ممن كنت أعتقد أنهم أساتذة أو مسؤولون عن الإعلام المرئي في بلدنا، ولا سيما وكيل الوزارة المساعد للتلفزيون فترة د. محمد عبده يماني ومدير التنفيذ! لدرجة أنهما تقوَّلا على لسان الملك خالد- رحمه الله- أنه يجب علي ترك التلفزيون بسبب خطأ إملائي وقعت فيه بفعل فاعل، لكن الله بقدرته لم يمكنهما من مرادهما، وله سبحانه الحكمة.

فترة عملك في التلفزيون السعودي ما أبرز إيجابياتها وسلبياتها؟
أبرز الإيجابيات هي الاحتكاك بخبرات إعلامية رغم قلتها، إلا أنها كانت عوامل مساندة كغالب كامل وعبدالرحمن قصاب وسعد الفريح- رحمه الله- ومحمد الضراب (مع حفظ الألقاب) للجميع، كما أن إعدادي لبرامجي وإخراجها (رغم وضع اسم أحد المخرجين وهو نائم في بيته عليها) كانت تجربة إيجابية مع ضعف الدعم والتخبط الإداري، وآثْرت تجربتي التلفزيونية تقديماً وإعداداً وإخراجاً. لكن أبرز السلبيات من وجهة نظري كانت العناصر الممسكة بمفاصل العمل التلفزيوني إدارياً وفنياً، فكيف نفهم أن يكون رئيس المخرجين أقلهم إنتاجاً وخبرة وحساً فنياً، وليس واحداً مبدعاً كـ"سعد الفريح" مثلاً، أو كيف يكون رئيس المذيعين، أضعفهم حضوراً وإلماماً بمهارات أو مهام المذيع، وأذكر مرة أنني طالبته بتوفير نسخ ٍمن الصحف والمجلات لي ولبقية الزملاء المذيعين (لزوم المهنة)، فكان رده (معصي) تعالوا أقرؤوها في مكتبي، وكأنه سيدفع ثمنها!، وفي حرب الخليج الأولى طالبني مدير عام القناة أن أتوجه للكويت بعد تحريرها بأربعة أيام، وذهبت بطائرة الجيش، ورغم الأحوال الأمنية والمعيشية الحرجة حينها، فقد تحركت مع زملائي وعملنا باحترافية، أذكر أنني اتصلت بإدارة الأخبار في الرياض من السفارة السعودية لأوافيهم هاتفياً بمعلومات حول دخول أول دفعة من المساعدات السعودية للكويت، فكان رد أحد مسؤولي الأخبار حينها، (وشلون؟.. تقرير هاتفي؟) لم يسبق أن عملناه (تصور؟)، وبالمناسبة.. هو يتبوأ مركزاً قيادياً في التلفزيون الآن.

ما أكثر البرامج التي قدمتها في التلفزيون؟
في البدايات مجلة الأطفال، ثم مجلة التلفزيون، الرياضة والشباب، أحداث العالم في أسبوع، وأمن وأمان أثناء حرب الخليج الأولى.

تركت التلفزيون السعودي واتجهت لقناة الـmbc.. هل ذلك نتيجة البحث عن المادة أو مضايقات أو ماذا؟
عَرفتني الـmbc منذ كنت متعاوناً مع شركة "آرا" منتجة برنامج (سعودي) أواخر الثمانينات الميلادية، "معلقاً" مع الزميلين الأستاذين غالب كامل وماجد الشبل، وفي أواخر 91م اتصل بي مدير مكتب الـmbc آنذاك وعرض علي رغبتهم الاستعانة بي مراسلاً إخبارياً لهم في المملكة، ثم أصبحت نائباً للمدير الإقليمي، ثم كبيراً للمراسلين، فمقدماً للأخبار حتى نهاية 95م، حيث اعتذرت عن مواصلة العمل مع mbc، وعدت للوطن والتحقت مستشاراً إعلامياً لأمين عام هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية الدكتور فريد قرشي- رحمه الله- بناء على طلبه وثقته. ولم تكن المادة يوماً دافعاً لي لاختيار وجهتي الإعلامية، فعرض الـmbc لم يتجاوز ما كنت أتقاضاه من التلفزيون السعودي، ومع ذلك قبلته لرغبتي في تطوير مهاراتي التلفزيونية، وكذلك الانفكاك من بيروقراطية التلفزيون والعقليات التي تديره. لكني تركت الـmbc أيضاً، لأني وجدت واحداً يُدعى "بييرغانم" يقرر لي ما هو الحق والباطل في عالم السياسة وأخبارها، وشؤون أمتي. وغير ذلك مما دفعني لاتخذ قراري بكل جدية وبلا رجعة!.

هل كانت هناك فروق بين التلفزيون السعودي والـmbc? ما هي؟
الفرق هو في الشكل التنظيمي والإداري، فالأول جهاز حكومي، والآخر شركة تجارية، أما على مستوى الأفراد والكفاءات فهناك في التلفزيون السعودي كثير من الكفاءات الفنية والإدارية لم تأخذ فرصتها، بل حوربت وهُمشت، بعكس الـmbc التي استقطبت عناصر من مختلف الملل العربية وغير العربية، ومنحتها فرصة تقديم أفضل ما لديها، لكن كما أن التلفزيون السعودي تأثر سلباً بوجود أشخاص كرئيسي المذيعين والمخرجين، فقد آثر أشخاص كبيير غانم، ونخلة الحاج بنفس القدر، مع اختلاف في بعض التفاصيل في الـmbc، كل هذا، ساهم ويساهم في أن يكون "للبعض"! فرصة في أن ينعم بوسائل إعلامية محسوبة على بلدنا، وينشر منها فكره ومنهجه، ويملأ (جيوبه) من ميزانياتها!، وهذا الأخير أقل الضرر بالمناسبة.

واصلت تنقلاتك.. فانتقلت إلى قناة المجد.. لماذا؟
لقد كان لي شرف المساهمة في إبداء مرئياتي في مشروع "المجد" وهو على الورق مع الأخ فهد الشميمري، وكنت سعيداً عندما طُلبت للعمل في المجد، لسببين، أني مؤمن بالإعلام النظيف والهادف، وتسليط الضوء على قضايا أمتنا المصيرية، وتوضيح الحقائق حيالها قدر الإمكان، وهذا ما وجدته في المجد رغم أنها ليست قناة إخبارية، ولا تملك الإمكانات المادية الضخمة كالآخرين.
كما أن للمجد فضل فك "الحظر" الذي فرضه علي "البعض" أمام عملي في أي فضائية أخرى، بعد تركي الـmbc، وهذا "سر" أعلنه لأول مرة.

كيف تم حظرك؟
بعد عودتي إلى جدة عام 95م اجتمع بي أحد أقطاب الـmbc وطلب مني العودة عن قراري بترك العمل معهم وأمام رفضي قال لي بالحرف الواحد "إذاً لا تفكر في العمل في أي قناة فضائية على الإطلاق" ولكنه كان عطوفاً ومن باب تأمين لقمة عيشي أضاف "يمكنك العمل في مجال آخر" وأعتقد أنه كان يقصد أن أعمل في بسطة خضار!.
وبالفعل قضيت 8 سنوات عجاف يبدو أنها كانت كافية له لتأديبي، ففتح الباب لتحتضنني المجد وأحضنها عام 2003م.
ومن المفارقات العجيبة في هذا الأمر أنه كانت هناك جهات عدة تتصل بي للانضمام لها قبل انطلاقتها، وقبل تركي للـmbc كالـart وأبو ظبي إلا أنها توقفت فجأة عن الاتصال بعد الاجتماع إياه!

نعود لقناة المجد كيف وجدتها؟
"المجد" تجربة رائدة وجديدة بالمنهج والرسالة، كما أنها تلتزم بمعايير دقيقة، بعيدة عما سلكه الآخرون من الانفلات والتراخي مع الضوابط الدينية والأخلاقية، رغم أنها؛ أي (المجد) لا تحظى بداعمين "كبار" كالقنوات الأخرى، وهنا أجدها مناسبة لأتوجه لكل من ينشد الإعلام الهادف المنضبط من رجال الأعمال والتجار أن يدعموا "المجد" وغيرها من الفضائيات المشابهة، فالقائمون عليها لا يمكنهم وحدهم الاستمرار إلى ما لا نهاية في البذل والصرف المالي، فهذه عملية مرهقة جداً، كما أنه بإمكان محبي المجد، المساهمة في استمرار رسالتها عبر ما يعرف "بالرعاية"، وأنا شخصياً على استعداد لشرح ذلك لمن أراد، كما أنها وسيلة إعلامية تحظى بالمصداقية وثقة غالبية المشاهدين في طرحها، إلا بعض من يزعجهم وجودها أصلاً. ويكفي أنها تحظى بمركز متقدم في نسبة المشاهدة والحمد لله. وهذا له عائد ترويجي كبير لمن أراد نشر سلعته أو خدمته، طبعاً وفق ضوابط المجد. 

قناة الـmbc تواصل عرض فقرات ترويجية للمذيع عبدالله حمزة.. هل لا يزال عقدك قائماً مع القناة؟
علاقتي كما ذكرت لك سابقاً، انتهت منذ 15 عاماً مع الـmbc وإذاعتها الـfm، لكن يبدو أن بعض القائمين على mbc fm، لا يزالون "يحنون" لفقراتي الترويجية التي أنتجتها في لندن مع الزميل أحمد منجونه- رحمه الله- وزياد حمزة، وهذا شعور يشكرون عليه، لكني مع كل التقدير والامتنان أتمنى عليهم أن يوقفوا بثها، لسببين: أولاً: لأن أخي وزميلي أحمد منجونه متوفى منذ سنوات، وليس من المناسب بث "البروموا" لميت، فهو بحاجة إلى دعائنا وليس صوته متبوعاً بأغانٍ وخلافها، ثانياً: فيما يتعلق بي، أطلب منهم (متعشماً)، مسح كل التسجيلات بصوتي من باب (الموانة) خاصة الأخ عبدالله الإبراهيم لما بيني وبينه من احترام، وزمالة سابقة. وأنا متيقن من تفهمه لطلبي.

محطتك أين هي الآن؟ وما هي محطتك المستقبلية؟
محطتي الآن هي (المجد)، إلا إذا قرر أصحابها ومسؤولوها غير ذلك، فلكل حادث حديث، فربما أذهب للعمل في تلفزيون الصومال مثلاً!، أو أتفرغ لإكمال كتابي الأول عن (الإعلام العربي، بين مطالب السلطة والمال، وحاجات الأمة)، وكما يقال أنت تريد، وأنا أريد، والله يفعل ما يريد.

برنامج مذيع على الهواء.. ما رأيك في هذه التجربة؟
مذيع على الهواء تجربة فريدة، ومهمة عسيرة، تصدت لها المجد إنتاجاً، وأخي الدكتور فهد السنيدي رؤية وتقديماً، وهذا البرنامج بمثابة اليد التي امتدت لشبابنا الطامح إلى الدخول في مجال الإعداد والتقديم التلفزيوني، عبر المحاضرات وورش العمل التي يشرف عليها (أبو ياسر) بعزيمة وصبر وحب، وكما أنه يحسب للمجد إنتاج هذا النوع من البرامج التنافسية الشريفة بين شبابنا، رغم التكلفة الإنتاجية العالية، إلا أنه من المؤسف غياب الدعم من الشركات والمؤسسات الكبرى في بلدنا لمثل هذه البرامج، في حين نراها تتسابق في الرعاية والإعلان في "الغث والرديء" من المنتجات التلفزيونية، والعجيب أنهم يتغنون بالسعودة، ويعزفون عن دعمها في واحد ٍ من أخطر وسائل الاتصال، والله المستعان على كل حال.

على الهواء.. بكيت على أوضاع فلسطين، خنقتك العبرة على العراق.. هل لنا أن نعرف تفاصيل هذين الحدثين؟
خنقتني العبرة وبكيت، عندما كان يتحدث معي عبر الهاتف في البرنامج المباشر "أقصانا المهدد" الأخ إسماعيل رضوان عضو حماس من غزة، وتكلم عن الشباب الفلسطيني الذي لم يتجاوز الـ 18 أو الـ19، وإلحاحه في طلب مواجهة العدو والاستشهاد، حينها أحسست بالزهو والفخر بهؤلاء الفتية، وفي الوقت نفسه أحسست بالضعف وتقريع الذات، أين أنا مما طلبوه من شرف وعزة، وكيف أكون أنا هنا، وهم هناك يقارعون عدواً لا يرحم بصدور عارية، ينازلونه بأقل الإمكانات، وهو من فوقهم يصب حممه عليهم من الطائرات، فبكيت فرحاً لعزتهم، وألماً لضعفي وتقاعسي، أما العراق فلم أحزن على مصرع العراقيين من الرجال وهم يواجهون بطش الاحتلال وعملائه، فهذا مصير الشرفاء وقدرهم، لكن ما خنق عبرتي هو التعرض لحرائرنا من الأخوات العراقيات وهتك أعراضهن من قبل جنود الاحتلال، وأشلاء الأطفال، بفعل الصواريخ (الذكية) والعقلية (المنحطة) لآلة الحرب الهمجية الأمريكية وبعض تروسها من الخونة.

مواقف محرجة تعرضت لها في مجال عملك؟
بعد سنتين من التحاقي مذيعاً في التلفزيون، وكنت لمَّا أزل مذيعَ ربط (كافتتاح البث واستعراض البرامج والصيدليات المناوبة)، وكانت العادة أن نتناول العشاء في العمل، وكان ذلك بعد نشرة الأخبار الرئيسية الساعة 9 مساءً، وعندما يبدأ عرض ما كان يعرف بـ(المسلسل اليومي) عبر شريط فيديو كان بحجم قرص (التميس)، وكان العم "سعدي" سائق المحطة هو من يتكفل بإحضار العشاء بعد جمع (القطة)، ريالين إلى ثلاثة (نواشف) وخمسة إلى عشرة ريالات للدسم (كبسه دجاج) أو (مشاوي)، وكان يتم جمع (القطة) قبل نشرة الأخبار، وفي يوم، قررنا أن يكون العشاء (فول وتميس ومطبق من شارع الخزان)، وألححت في تذكير العم سعدي بأن يحضر مع العشاء مخللاً (طرشي)، بعد الأخبار، صاح المخرج، وعلى ما أذكر أنه كان الأخ (عبدالرحمن الشدوخي) الله يمسيه بالخير على فني الفيديو بغرفة مجاورة (رول تيب) يعني (اضغط) زر تشغيل الفيديو، وبدأ عرض المسلسل اليومي "45 دقيقه"، وهي مدة كافية كي نطحن عشانا، وعندما (تقلطنا) على المقسوم وتفحصت السفرة ، لم أر (المخلل) فعاتبت العم سعدي، ليه؟، وشلون؟، ما يصير! ومع ثاني لقمة، و"فجأة" انقطع شريط الفيديو وصارت الشاشة (سوداء)، وينطلق أبو وليد (حافي)، ويحط (سلايد) الوردة!، ويصيح عبدالله.... تعال اعتذر، واجي طاير وثلاثة أرباع اللقمة بحلقي، وأمام الميكرفون بدون صورتي طبعاً، بدأت الاعتذار، (أيها السادة، نأسف لهذا "المخلل" الفني، ونتابع المسلسل بعد قليل) انتهى،،، وإذا بالزملاء يضحكون ويقهقهون ويطحنون، فتم إصلاح الشريط وتابعنا عرض المسلسل، ورجعنا إلى عشانا، وشوي والتلفون يرن، طبعاً ما يرد إلا المخرج، كأننا في مركبة فضائية! وإذا به يطلبني، عبدالله، تليفون، وعندما اقتربت منه، وضع يده على السماعة وهو يهمس: الوزير! وكان الدكتور محمد عبده يماني- رحمه الله- وكادت اللقمة تنشب في بلعومي، فإذا به يبادرني بالسؤال، اش بك يا ولدي؟ (ضاحكاً)، ايش قصة المخلل الفني؟ فشرحت له، وهو بدوره ينقل (اعترافي) لأناس بجواره وهو يضحك واسمع قهقهتهم، ما جابوا له المخلل!، وختم كلامه لي.. هيا بالعافية، ودير بالك مرة تانية. فهذا من أطرف ما واجهت.

رأيك في مذيعي اليوم ومقدمي البرامج وما هي أبرز عيوبهم؟
رأيي في مذيعي هذا الزمان أنهم كُثُر، لكن المقنع منهم قليل، فأغلبهم باحثٌ عن الشهرة أو العقود الدسمة، دون النظر إلى إمكاناته، وأهدافه من وراء ظهوره، أو الرسالة التي يخدمها، فمن الناحية المهنية أين مذيع اليوم من غالب كامل، أو نضال قبلان، أو أحمد منجونه- رحمه الله-، مشكلة أغلب المذيعين هي القول إني هنا في "سره"، لكنها تظهر في أدائه ونظراته دون أن يدري، بالإضافة إلى الفزلكة والتقعر والتنطع، فأين هؤلاء من أسعد طه في "نقطة ساخنة"، أو يسري فودة في "سري للغاية "؛ ففيهما تلمس احترافية التناول والمعالجة التلفزيونية بشكل لا يشعرك بالملل، أما البرامج الحوارية، فقد أصبحت حيلة العاجز، ولكل من هب ودب! الإعلامي الناجح، هو من يجمع بين الصحفي المليء، والمقدم المتمكن، والمثقف الذي تشعر بأنه كذلك، دون تفيهق منه أو "تميلح". 

ذكريات لم تنسها في مجال العمل؟
الذكريات التي لا أنساها هي في الأعمال الميدانية التي نفذتها، والذكريات الجميلة مع زملائي من المصورين والفنيين والسائقين، والمواقف التي تعرضنا لها من طريفة أو صعبة أو محبطة، فما زلت أتذكر إبراهيم الحزيمي وفهد المرشد وعلي عبدالمجيد وعقيل القين وصالح الغامدي وغيرهم من أبناء الوطن الجنود المجهولين، الذين بجدهم وعلمهم ساهموا في بناء (التلفزيون السعودي)، وهو لا يذكرهم الآن إلا بملفات الأرشيف (إن وجدت).

دون مجاملة ما أبرز قناة عملت بها؟ والأسباب؟
لا شك التلفزيون السعودي؛ لأني تعلمت فيه، وفتح لي باب العمل التلفزيوني، وساهمت مع زملاء كُثر في تثبيته بين التلفزيونات العربية رغم عيوب إداراته المهنية، وقناة المجد ليس لأني أعمل فيها، بل لأني أجد نفسي في منهجها الإخباري، إضافة إلى أن القائمين عليها من السابقين والحاليين تربطني بهم علاقة احترام متبادل، رغم اختلافي معهم في بعض القرارات الإدارية والفنية.

كلمة أخيرة تود أن تختم بها؟
أسمح لي أن أتوجه لكل أبنائي الشباب، ممن عقد العزم على ولوج حقل الإعلام، أن يراعي النقاط التالية: يجب أن يكون لديك هَمٌ ورسالة، أن تدرك أن كل كلمة أو صورة تبعثها عبر الشاشة هي مسؤولية وأمانة ستحاسب عليها من الديان سبحانه، وأنَّه لا قِمةَ في العمل التلفزيوني، بل صعودٌ مستمر، وبحثٌ دؤوبٌ عن الحقيقة، وحقلٌ مفتوح للتعلُّم.

وأخيراً، وليس آخراً، أود أن أعبر عن إعجابي بتجربة "سبق" الإعلامية، وانفراداتها وريادتها وطرحها الذي يمس هموم الناس، وسعادتي أن يحاورني أحد صحفييها الكرام.






أخوكم: محب القمم                         للتواصل:  
لمراسلتي دون أن أعرفك ، ولمناصحتي فالمؤمن مرآة أخيه اضغط هنـــــا واكتب ما أردت واضغط على say it وجزيت خيرا .


ابحث ، شاهد ، وأنت مطمئن
200 ألف مقطع و15 موقع للفديو

اختيارات نختارها من الشبكة للأماجد
عفو من الخاطر؛ تصافحه أبصاركم
مدونة       
مجموعة بريدية
كن معجبا
rss

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حياك الله ، يشرفني تعليقك .

أعجبني