الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد:
فقد سمعنا أن هناك تناديا للقيام بمظاهرة يوم الجمعة 6/4/1432هـ، بعد الصلاة، وأحب أن أنبه على أن المظاهرات لا أصل لها عند المسلمين، وليست طريقا من طرق العلاج والاصلاح، وإنما دخلت على المسلمين في مجتمعاعتهم من جملة التبعية للكفار؛ لأن هذه عادة متبعة عندهم، لكن الكفار يتخذونها في بعض مطالب الدنيا، وتكون مظاهرات محدودة إذا غلا السعر ـ مثلا ـ قاموا بمظاهرة لتخفيضه، فمطالبهم من هذا النوع.
وتكون بطريقة التجمع والتصويت واللغط واللغو، ويدخل فيها كما يقال: من هب ودب.
ودخلت على المسلمين في بعض المجتمعات، والمعروف أنها مسموح بها في تلك الدول، وهكذا هي مسموح بها في أغلب الأنظمة العربية والإسلامية.
والمظاهرات نوعان: نوع فيه عنف وتخريب، وهذا قد وقع في بعض البلاد، تخريب، وإفساد، وعدوان على أموال الناس وممتلكاتهم، وعلى الممتلكات العامة أيضاً، وهذه لا شك أنها حرام بكل المقاييس، ولا أحد يقرها.
والثاني: ما يسمونه بالمظاهرة السلمية يعني: كلام بدون أفعال، فيتكلمون بمطلوبهم ومقصودهم ويتجمعون على هذا، وينادون ويرفعون الأصوات، وفيها ـ أيضًا ـ لغط وصياح، ويختلط فيها أنواع من الناس، بما في ذلك النساء، فيحصل اختلاط بين الرجال والنساء فيها.
وهذا النوع من المظاهرات هي التي قلنا: إنها مأذون فيها في أنظمة أكثر البلاد، ومع ذلك لا تسلم من بعض من يدخل فيها؛ لأنه يدخل فيها من لا يلتزم بشرطها: «المسالمة»، وهي ليست محصورة في أعيان معينين، ولو كان كذلك؛ فقد يدخل معهم من ليس منهم.
وقد حصل كما تعلمون في هذه الأيام هذا الأسلوب، ومنه ما جرى في تونس ومصر، ونرجو أن تكون العاقبة حميدة، وقد سُر المسلمون بالنسبة للنتائج التي حصلت من إبعاد بعض المتسلطين المحاربين للإسلام كحاكم تونس، وفي مصر جرى استنكارات حتى اضطرالرئيس للتنازل، ونرجو أن يكون ما بعد ذلك خير لتلك البلاد.
ثم وقعت المظاهرات في ليبيا وتعلمون حالها الآن، فتنة قائمة، ونار مستعرة، وحرب بين الحكومة والشعب، ولا ريب أننا ننتصر لما يسمونه بالمعارضة على حاكم ليبيا لما هو معروف عنه.
أما بلدنا هذا ـ حفظه الله وصانه من كيد الأعداء في الداخل والخارج ـ فله شأن آخر، فهذا البلد له أعداء في الداخل وأعداء في الخارج، والهدف الأعظم لهم؛ هو: اجتثاث ما فيه من الخير، وصهر البلد حتى يكون كغيره من البلدان من ناحية الانفلات في كل المجالات للتغريب، يعني: لتكون كسائر البلاد العربية أو الغريبة، وقد يُستغل لذلك بعض أبناء البلد ممن له نية حسنة.
وأيضاً المظاهرة السلمية ـ كما تسمى ـ ممنوعة في نظام هذه الدولة، وقد صدر من وزارة الداخلية تذكير بأن أنظمة الدولة تمنع من ذلك منعًا باتًا، وأن الجهات الأمنية ستقوم بدورها إذا لزم الأمر بالطرق الحكيمة.
ولذلك أنبه بأنه لا يجوز الأشتراك في هذه المظاهرات هنا، بل يجب اعتزالها؛ لأن بلدنا ـ ولله الحمد ـ مستقر والخير فيه كثير، والمظاهرات باب شر على هذا البلد، وهو مطلب للأعداء، نفس الدول الكافرة تريد أن تقوم مثل هذه الحركات في هذا البلد، فهذا البلد هو الهدف الأول لكل أعداء الإسلام من الكفار، من الدول الغربية الكافرة، والدول الأخرى، يريدون صهر هذه البلاد وتحويلها، والعمل على هذا مستمر من أعداء الإسلام والمتعاونين معهم من جهلة المسلمين وفسقتهم.
والواجب سلوك الطرق المشروعة الممكنة في الإصلاح، ومن فعل ما يستطيع؛ فقد برئت ذمته، والله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }.
أصلح الله الأحوال، وأعاذنا الله وإياكم من الفتن بمنه وكرمة، ونسأل الله أن يحفظ على هذه البلاد أمنها ودينها، وأن يردنا ويرد ولاة الأمر إلى الصواب بمنه وكرمه، وأن يلهمهم رشدهم، وأن يعينهم على ما يحب الله، وأن يعيذهم من شر الشيطان بمنه وكرمه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.
عبد الرحمن بن ناصر البراك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
حياك الله ، يشرفني تعليقك .