١٥‏/٠٩‏/٢٠١٠

أنا العانس رقم 4 ملايين.. ولا فخر

                    




بسم الله الرحمن الرحيم




22%D8%B3.png

اختيارات نختارها من الشبكة للأماجد





أنا العانس رقم 4 ملايين.. ولا فخر
الثلاثاء 14, سبتمبر 2010

            

أنا العانس  رقم 4 ملايين.. ولا فخر

لجينيات ـ  في أيام العيد هذه؛ والفرح يتطاير حولنا، ويصبغ أجواءنا بألوانه الزاهية، وتشيع زغاريدُه البهِجة في نفوسنا، يتخيّر العرسان ـ كتقليد اجتماعي ـ شهر شوال لإقامة حفلات الزواج، وتُحجز صالات الأفراح باكراً؛ ولربما امتد التزامك بحضور دعوات الفرح كلَّ ليالي شوال في أسبوعيه الأولين. 

جلست في إحدى هذه الصالات قبل يومين، وفيما الكل حولي سعيدٌ ومبتهجٌ في أجواء الفرح هذه؛ إلا أن كآبة تغشتني، وانقبض صدري حزناً، وشعرت بغصة حارة؛ فقد انبجست من ذاكرتي صرخة الدكتور عبدالله الفوزان (أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود) وهو يُورد دراسة مسحية أعدتها وزارة التخطيط السعودية بأن "عدد غير المتزوجات وصل إلى المليون ونصف المليون عانس، وأن الرقم سيرتفع إلى أربعة ملايين عانس في السنوات المقبلة".. يا للهول!! شعرت بمعاناة بناتنا، وتخيلت مدى الألم النفسي الذي يعشنه من بقائهن دون زواج، شعرت بحسراتهن وأزهى فترات حياتهن شباباً، وأكثرها خصوبة وعواطف، تمرُّ أمام أعينهن وتسقط كأوراق خريف صفراء. تصورت حالهن وهن يأتين مناسبات الزواج هذه، وتتخطفهن الأنظار الحارقة، تحكي لغة واحدة برسالة قاتلة تقول: أنت عانس!!. تسوط بناتنا هؤلاء بمدلولات هذا الوصف الآثم، أي أنّ بك من العيوب والمثالب والنقص إن كان في خلقتك أو سلوكك أو تربيتك أو ثقافتك؛ ما جعل الشبان يحجمون عنكِ ويتركونك لغيرك، وأنك لا تصلحين شريكة حياةٍ مثالية..

أقسى ما تعانيه بناتنا؛ النظرات القاتلة الشامتة ممن حولهن، فيلذن بالصمت، ويلتحفن الانكسار والانهزامية، ويمتن في ذات المناسبة مرات عدة، وينصرفن منها كأشباح لا حياة فيها..

هذا الرقم أيها السادة، مستثنىًَ منه بناتنا المطلقات والأرامل، وهؤلاء قضية ومسألة أخرى؛ ما يجعلني أصطف مع د.الفوزان وأخاطب سادتي الدعاة والعلماء والغيورين على قيم الأصالة والمحافظة في وطني، بضرورة إيلاء هذا الأمر أهمية وأولوية في مسألة الإصلاح الاجتماعي؛ لأن ما نراه من بعض التفسخ والانحلال في مجتمعنا، أحد أسبابه؛ فشوّ ظاهرة العنوسة، ولا يحسَبَنَّ هذا الغيورُ أنه بمنجاة عن هذه الآفة بمجرد عزله ابنته في بيته، فالفضائيات اخترمت جلّ البيوت، ودخلت غرف النوم، بل الأخطر منها على الإطلاق هو الإنترنت، ومواقع الشات التي تزخر بها وتؤمها الفتيات والشبان على اختلاف تربياتهم وبيئاتهم الاجتماعية. فتياتنا ـ يا سادة ـ بهن طاقة طبيعية وضعها الله لهن، وتحتاج أن تصرّف في المسار الفطري الصحيح، وإذا عُدِم ذلك، فإنها ستصرف بطريقة لا ترضي الله تعالى، ومن يسبر غور بناتنا العوانس، ويقرأ ما تكتبه بعضهن في مواقع إنترنتية، ليهوله حقا ما يعانينهن من حرمان عاطفي، ومشاعر للأنثى المكبوتة، والانكسار النفسي الذي يتلبسهن، في أمر ليس لهن يدٌ فيه، ما يجعلني كإنسان ومثقف أجأر وأرفع عقيرتي بحتمية البدء بوضع بعض الحلول في مساعدتهن، تأتي في أولها بإحياء سنة اندثرت في خطبة الوالد لابنته، فتراثنا الإسلامي يزخر بنماذج وقصص مستفيضة، يخطب فيها ولي أمر الفتاة الرجل المناسب لابنته، فهاهو سيدنا عمر بن الخطاب يخطب لابنته حفصة سيّد ولد آدم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وها هو التابعي الجليل سعيد بن المسيب يخطب لابنته العالمة تلميذه الفقير، في قصص لا تنتهي، كانت تشي بألا عيب اجتماعياً من مبادرة الوالد بالخطبة لابنته بمن يتوسّم فيه الصلاح، بدلاً من انتظار هذا العريس الذي تأخر.

هناك مسألة الآباء الذين يحجرون على بناتهم لأسباب عدة، إن كان بسبب الأموال أو العنصرية والطبقية الاجتماعية الجوفاء، أو غير ذلك من الأسباب الواهية التي تحرم هذه الابنة أغلى أمنياتها في فارس أحلام تحبه. من الواجب؛ المبادرة كمجتمع إلى كفّ يد هذا الوالد الظالم عديم الإحساس، وتشجيع الفتيات المتضررات بالشكوى لحقوق الإنسان لمساعدتهن، واعتبار ذلك حقاً من حقوقهن، وممارسة حضارية إيجابية، ومبادرة لاستيفاء حقها لا عيب فيها، بل هو عين مصلحة الفتاة، ولا يتأتى ذلك إلا بالوعي والتثقيف المدني لفتياتنا وأولياء الأمور.

طرحت في رمضان حلاً ـ من ضمن الحلول ـ بقناة (المجد) وأنا أتعرض لهذه المشكلة، حيث ناديت بموضوع (التعدد) ومبادرة من يجد في نفسه الأهلية الكاملة، والقدرة المالية والنفسية، واستطاعته تحقيق العدل بالزواج من الثانية، وهو موضوع تقلص في أجيالنا إلى حدٍّ بعيد، وقد أثار هذا الرأي سخط نساء العائلة عليّ، وبعض المعارف من الزميلات، لكن مليون ونصف المليون فتاة عانس في بلدي، تجاوزن بالتأكيد سنّ الثلاثين، والشبان المقبلون على الزواج، حتماً لا ترنو أبصارهم إليهن، فهم يرغبون في الأصغر سناً، وهؤلاء الفتيات لا يملكن ـ كما يملك الشباب ـ حق الزواج من غير السعودي، كي يبادرن ويخترن لأنفسهن أجمل الشباب وأكثرهم فتوة وقوة وجمالاً، بل في الغالب محرومات من ذلك الحق المدني. وعليه أتصور؛ أن من يأتي للتعدد بنية العفاف والتحصين والأجر، وبناء أسرة مستقرة، لا لمجرد الاستمتاع ورميها بما نشاهده من بعض عديمي الضمائر والمروءة؛ هو جزء من الحل المطروح.

تغيير النظرة الاجتماعية تجاه العانس، خطوة متحضّرة تستحق الالتفات إليها. ما ذنبها هذه الفتاة التي لم يأت أحداً للزواج منها، ويسوطها المجتمع بهذه النظرات القاتلة؟!، يجب على النخب الدينية والثقافية العمل على تغيير هذه النظرة السلبية من خلال منابر الجُمع ومقاعد التعليم ووسائل الإعلام، نستطيع بواسطة الوعي تغيير هذه النظرة السلبية للفتاة العانس، وأن ثمة فتيات لم يعد الزواج أولوية في حياتهن، وهو سلوك وحق لهن.

فتح مجالات العمل لهذه الشريحة، وإعطاؤهن ـ والمطلقة والأرمل ـ الأولوية في التعيين، واستحقاقهن الوظائف قبل غيرهن من الفتيات الصغيرات هو حل مثالي؛ لأن انشغال الفتاة بعمل يستغرق فكرها وطاقتها يقلل من حدة الكآبة التي تعيشها، ويفتح لها الأمل والطموح في تحقيق الأمن الذاتي والسعادة النفسية. 

من المهم تشجيع الفتيات هؤلاء من قبل أولياء أمورهن والمجتمع بالانخراط في الأعمال التطوعية، والهيئات الخيرية، والتوسع في إنشاء أمثال هذه الهيئات لاستيعاب أكبر عدد ممكن من فتياتنا كبيرات السن، فبالتأكيد أن انشغالهن بما ينعكس على المجتمع إيجاباً؛ سيحقق لهن الرضى النفسي.

شكراً دكتور عبدالله الفوزان على صرختك الغيورة، وآمل وأنا في مقاعد قصر الأفراح ـ حيث أكتب ـ أن أكون آزرت دعوتك الكبيرة للالتفاف إلى هذه الشريحة الغالية من فلذات الأكباد.

عبدالعزيز محمد قاسم






أخوكم: محب القمم                         للتواصل:  
لمراسلتي دون أن أعرفك ، ولمناصحتي فالمؤمن مرآة أخيه اضغط هنـــــا واكتب ما أردت واضغط على say it وجزيت خيرا .


ابحث ، شاهد ، وأنت مطمئن
200 ألف مقطع و15 موقع للفديو

اختيارات نختارها من الشبكة للأماجد
عفو من الخاطر؛ تصافحه أبصاركم
مدونة       
مجموعة بريدية
كن معجبا
rss

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حياك الله ، يشرفني تعليقك .

أعجبني