روافد
|مجموعة شجن البريدية|
|مجموعة شجن البريدية|
يا مشايخ المملكة اجتمعوا على كلمة سواء
الشيخ : محمد موسى الشريف
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن المتأمل بعين فاحصة بصيرة في الأحداث التي جرت في بلادنا عَقِب حرب الخليج المشؤومة سنة 1410/1990 إلى يوم الناس هذا ليخرجنّ عقب تأمله ونظره دَهِشاً مسترجعاً محوقلاً ؛ إذِ البلاد غير التي كنا نعرف ، والناس غير الناس الذين كنا نألف، فمنذ البدايات الأولى للصحوة الإسلامية في بلادنا سنة 1395/1975 إلى تاريخ تلك الحرب حوالي خمسة عشر عاماً عاشها الصالحون أفراحاً متتالية -إلا فترات قليلة- وهم يشاهدون الجموع الغفيرة تعود إلى الله تعالى، والجوامع ممتلئة ، والخير في المجتمع هو الأصل، والشر والفساد متواريان، لا يجرؤ أحد على إعلان ذلك وإظهاره. لكن - وآه من لكن- ما هي إلا سنوات قليلات بعد الحرب إلا والشيطان قد برز بقرنيه، والمفسدون وأهل الشر يبغون السوء في البلد وأهله، واستمر هذا قائماً إلى يومنا هذا؛ إذ كل وقت نُفاجأ بمفسد أو مُفسدة، ينشرون بيننا كل مَفسدة، وأهل الصلاح والخير والرشاد يفقدون كل يوم موقعاً، ويتزحزحون كل يوم عن مكان، كان لهم فيه الصدارة والريادة، والعز والسيادة. ولئن قام قائم من المشايخ وطلبة العلم يريد الذود عن حمى البلاد وتطهير العباد فوجئ بحملات إعلامية صحفية تُجَرَّد عليه وتصفه بكل سوء ومنقصة، فإن أراد أن يرد لا يُسمح له ولا يُسمع؛ فالقائمون على الجرائد لا يسمحون له بالرد، وإن سمحوا أخّروا وبتروا، ونقصوا ومحقوا فلا يكاد يغني هذا الرد شيئاً. وعشنا حتى رأينا المنكر معروفاً والمعروف منكراً بل عشنا حتى رأينا من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، وإنا لله وإنا إليه راجعون. ـ فهل كان أحد من الناس يظن أن المتفلتين "الليبراليين" واللادينيين "العلمانيين" في بلادنا ستكون لهم الكلمة العليا والمرجعية الأولى في وسائل الإعلام وفي بعض الأندية الأدبية، والمؤسسات الاجتماعية حتى صاروا حرباً على أهل الخير والصلاح؟ ـ وهل كان أحد من الناس - ولو كان من أشد المتشائمين تشاؤماً- يظن أنه سيأتي يوم يختلط فيه الرجال بالنساء في المحافل والمجامع والمنتديات والشركات والمستشفيات؟ ـ وهل كان أحد يظن - مهما بلغ به الوهم - أن جرايدنا التي كانت ممنوعة من إظهار صور النساء أصبح النسوة فيها يخرجن بشعورهن مكشوفة - إي وربي مكشوفة- في بلاد الحرمين والتوحيد، والنسوة هن من أهل هذه البلاد؟! دع عنك الأصباغ والزينة، والخلطة بالرجال والتصوير بينهم ومعهم، هذا بعد أن كانت المرأة لا تظهر ألبتة في جرائدنا إلا منتقبة فأصبحنا نراها في أسوأ صورة منتصبة. ـ وهل كان أحد يظن أن المرأة لا تكتفي بالبروز السافر بل تعيب على من عاب عليها وترد عليه ولو كان من هيئة كبار العلماء؟! ـ وهل كان أحد يظن أن هيبة كبار العلماء في بلادنا تصبح خبراً من الأخبار الماضية، وحديثاً من أحاديث السمر الواهية بعد أن اجترأ عليهم الرويبضة، واستخف بمقدارهم كل تافه وتويفهة، فأصبح العلماء يُخطّأون، ويُردّ عليهم ويعابون، بل يستهزأ بهم ويتنقصون!! وهذا ليس في جحور مغلقة بل في الجرائد والشبكة العنكبوتية وسائر وسائل الإعلام؟!! والأدهى والأمر أن هذا الانتقاص والاستهزاء والتخطئة يأتي من قِبَل قوم أكثرهم ليس له نصيب من العلم الشرعي إلا كنصيب الحمار من الأسفار التي يحملها، وصح في العلماء وفيهم قول الشاعر : ولو أني بليت بهاشمي خئولته بنو عبد المدان لهان عليَّ ما ألقى ولكن تعالوا فانظروا بمن ابتلاني ـ وهل كان أحد من الناس يظن -ولو في أضغاث الأحلام- أن يشارك رئيس هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أقدس بقعة في الأرض أهل الريب في اجتماعهم بل صار يفتيهم بما يحلو لهم ويشتهون؟! ـ وهل كان أحد من الناس يظن أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيبلغ بها الضعف إلى الدرجة التي نراها اليوم في الحجاز بعد أن كانت مِلْءَ السمع والبصر فتمنع من دخول الأسواق والمتنـزهات والمطاعم المختلطة وغير ذلك ويحجر على عملها حجراً كبيراً؟! ـ وهل كان أحد يظن أن حلقات تحفيظ القرآن في بلادنا تتوقف أكثر من 80 يوماً مهما سيق لذلك من مبررات وأعذار؟!! ـ وهل كان أحد يظن أن تتحكم النسوة بمسار الغرفة التجارية ليوجهنها كيف تريد لهن أهواؤهن وليجترئن على المجتمع هذه الجرأة التي نراها؟!! ويتحدين هذا التحدي الوقح، بل يسمين منتداهن باسم أطهر النسوة وأشرفهن على مدار تاريخ البشرية. كل هذا يجري في بلادنا التي ليس هنالك بلد في الدنيا يقاربها في كثرة المشايخ وطلبة العلم -اللهم إلا مصر واليمن - فلم يُؤت المشايخ إذن من قلة عددهم، ولا من عدم قبول المجتمع لهم، ولا من قلة نصرائهم إنما أُتوا من قِبل خلافهم. فإني إن عبت شيئاً على طلبة العلم والمشايخ منذ زمن الصحوة إلى الآن وهو ثلث قرن بل يزيد فإني أعيب عليهم هذا الخلاف المذموم بينهم الذي فرّق صفهم، وفَلّ حَدّهم، وجرّأ عليهم عدوهم، وجلب قالة السوء إليهم، حتى تناقل الخلافَ بينهم الركبان، وسار في الأمصار مسير الشمس، وفشا في الناس فصاروا يجهرون به بعد الهمس، بل خرج الخلاف من بلدنا هذا إلى سائر البلاد، وفُضحنا به بين العباد، وإنا لله وإنا إليه راجعون. ولئن جاز الخلاف المذموم في أي وقت فلا يجوز في هذا الوقت، ولئن ساغ في أي حال فلا يسوغ في هذه الأحوال العصيبة. والعجيب أنني أرى بقلبي قبل عيني، وببصيرتي قبل بصري أن أهل الفساد علينا مجتمعون، وبنا محيطون، ولِوَأْدنا يخططون، ولتفريق صفنا عاملون، ولإزاحتنا عن مواقع التأثير جاهدون ، وللشماتة مظهرون، وعلينا يحرضون ، قد أظهروا كل ذلك جلياً فلم يعودوا يخفون، وهم في كل ذلك مجتمعون متكاتفون ، ونظرة إلى جحورهم في الشبكة العنكبوتية ، وزواياهم المظلمة في الجرائد الدولية والمحلية، وما يتنادون به في الأندية والمجامع غير الأدبية، وما يرفعون به عقيرتهم في سائر وسائل الإعلام التي احتكروها لأنفسهم طويلاً، وملأوا بها بلادنا ضجيجاً وعويلاً، نظرة إلى هذا توضح صنيعهم، وتبين نواياهم وتظهر مكرهم بالبلد وأهله، فلا يحتاج الأمر إلى نظر فاحص طويل، ولا إلى جمع وتدليل، بل هو أوضح من الشمس وأقرب إلى الحِسّ من اللمس. كل هذا وكثير من المشايخ وطلبة العلم -وفقهم الله ونَفع بهم- ما زال منصرفاً عن المعارك العظمى، والنوازل الكبرى إلى إظهار الخلاف المذموم والتصنيف المشؤوم، وهمه هو جرح إخوانه من المشايخ، والعمل الدائب على إسقاطهم من أعين الناس، وتأليف المؤلفات في ذمهم، ومثل صنيعهم هذا كمثل التيوس التي تتناطح فيما بينها وسكين الجزار تنتظرها، والموت محيط بها، ينادي عليها وينعق بها، معذرة على هذا التشبيه فالأمر فوق ذلك وأخطر مما هنالك. هذا وفي بلادنا ما لا يقل عن مائة ألف -بل يزيدون- من المشايخ وطلبة العلم والعلماء والعلميين "الدكاترة" وخريجي الكليات الشرعية، ولا يسمع منهم في الأحداث الجارية صوت، ولا بدر منهم عمل، إنما المتصدر لهذا مئات قليلة فقط. فما أشبه الليلة بالبارحة، والذي حدث في مصر قبل مائة عام، وفي الشام والعراق والمغرب يحدث الآن في بلادنا، والعرب تقول: السعيد مَن اتعظ بغيره لا مَن وُعِظ به غيره، فإن لم يجتمع مشايخ بلادنا على كلمة سواء ينصحون بها ولي أمرنا، ويذودون بها عن حمى دولتنا، ويردعون بها الغوغاء والسفهاء والمفسدين، وينصرون بها الدين، ويقطعون الطريق على اللادينيين "العلمانيين" والمتحررين من ضوابط الشريعة "الليبراليين"، لئن لم يصنعوا ذلك فسيكونون عبرة للمعتبرين، وضحكة لأهل السوء المفسدين، وليُصبحن مثل أمس الدابر، وحديث السامر، ولتذهبن قوتهم أدراج الرياح، وليُناحن عليهم كل النِّياح، هذه سنة الله تعالى في المتخالفين، رأيناها في التواريخ ولا نحتاج إلى مزيد من البراهين. ولا أعني باجتماع المشايخ اجتماعهم في كتابة بيانات النصح والاستنكار فقط -وإن كان ذلك مطلوباً- بل يتجاوز ذلك إلى اجتماع القلوب، والتشاور والتنسيق فيما بينهم، والعمل مجتمعين لنصرة الدين، وأن يقيل بعضهم عثرات بعض، وأن يقبل بعضهم من بعض، وألاّ يتصيد بعضهم أخطاء بعض، فإنهم أصحاب منهج واحد مهما تعددت مشاربهم، ورفاق درب واحد مهما انتهت إليه اجتهاداتهم، فليتق الله المشايخ، وليعلموا أن الله تعالى سائلهم عن دينه وهل نصروه، وعن لوائه وهل رفعوه؟ وعن بلادهم وهل ذادوا عن حياضها؟ وعن شريعته وهل دافعوا عن سياجها؟ فالله الله يا معشر المشايخ وطلبة العلم، وتذكروا قول الله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" فأنتم أول مخاطب به وأحق الناس باتباعه، وتذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" وقد أحاطت بكم الذئاب من كل مكان، وتذكروا قول الشاعر: كونوا جميعاً يابنيّ إذا اعترى خَطْبٌ ولا تتفَرّقوا آحاداً تأبى العصيّ إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت أفراداً والله – تعالى - هو المستعان، وعليه – وحده - التُكلان ، ولا حول ولا قوة إلا به، ولا إله غيره ، إليه المرجع والمآب ، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين. وكتبه العبد المذنب الضعيف محمد بن موسى الشريف الثامن من شهر محرم / 1432
::::
يا مشايخ المملكة اجتمعوا على كلمة سواء
الشيخ : محمد موسى الشريف
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن المتأمل بعين فاحصة بصيرة في الأحداث التي جرت في بلادنا عَقِب حرب الخليج المشؤومة سنة 1410/1990 إلى يوم الناس هذا ليخرجنّ عقب تأمله ونظره دَهِشاً مسترجعاً محوقلاً ؛ إذِ البلاد غير التي كنا نعرف ، والناس غير الناس الذين كنا نألف، فمنذ البدايات الأولى للصحوة الإسلامية في بلادنا سنة 1395/1975 إلى تاريخ تلك الحرب حوالي خمسة عشر عاماً عاشها الصالحون أفراحاً متتالية -إلا فترات قليلة- وهم يشاهدون الجموع الغفيرة تعود إلى الله تعالى، والجوامع ممتلئة ، والخير في المجتمع هو الأصل، والشر والفساد متواريان، لا يجرؤ أحد على إعلان ذلك وإظهاره. لكن - وآه من لكن- ما هي إلا سنوات قليلات بعد الحرب إلا والشيطان قد برز بقرنيه، والمفسدون وأهل الشر يبغون السوء في البلد وأهله، واستمر هذا قائماً إلى يومنا هذا؛ إذ كل وقت نُفاجأ بمفسد أو مُفسدة، ينشرون بيننا كل مَفسدة، وأهل الصلاح والخير والرشاد يفقدون كل يوم موقعاً، ويتزحزحون كل يوم عن مكان، كان لهم فيه الصدارة والريادة، والعز والسيادة. ولئن قام قائم من المشايخ وطلبة العلم يريد الذود عن حمى البلاد وتطهير العباد فوجئ بحملات إعلامية صحفية تُجَرَّد عليه وتصفه بكل سوء ومنقصة، فإن أراد أن يرد لا يُسمح له ولا يُسمع؛ فالقائمون على الجرائد لا يسمحون له بالرد، وإن سمحوا أخّروا وبتروا، ونقصوا ومحقوا فلا يكاد يغني هذا الرد شيئاً. وعشنا حتى رأينا المنكر معروفاً والمعروف منكراً بل عشنا حتى رأينا من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، وإنا لله وإنا إليه راجعون. ـ فهل كان أحد من الناس يظن أن المتفلتين "الليبراليين" واللادينيين "العلمانيين" في بلادنا ستكون لهم الكلمة العليا والمرجعية الأولى في وسائل الإعلام وفي بعض الأندية الأدبية، والمؤسسات الاجتماعية حتى صاروا حرباً على أهل الخير والصلاح؟ ـ وهل كان أحد من الناس - ولو كان من أشد المتشائمين تشاؤماً- يظن أنه سيأتي يوم يختلط فيه الرجال بالنساء في المحافل والمجامع والمنتديات والشركات والمستشفيات؟ ـ وهل كان أحد يظن - مهما بلغ به الوهم - أن جرايدنا التي كانت ممنوعة من إظهار صور النساء أصبح النسوة فيها يخرجن بشعورهن مكشوفة - إي وربي مكشوفة- في بلاد الحرمين والتوحيد، والنسوة هن من أهل هذه البلاد؟! دع عنك الأصباغ والزينة، والخلطة بالرجال والتصوير بينهم ومعهم، هذا بعد أن كانت المرأة لا تظهر ألبتة في جرائدنا إلا منتقبة فأصبحنا نراها في أسوأ صورة منتصبة. ـ وهل كان أحد يظن أن المرأة لا تكتفي بالبروز السافر بل تعيب على من عاب عليها وترد عليه ولو كان من هيئة كبار العلماء؟! ـ وهل كان أحد يظن أن هيبة كبار العلماء في بلادنا تصبح خبراً من الأخبار الماضية، وحديثاً من أحاديث السمر الواهية بعد أن اجترأ عليهم الرويبضة، واستخف بمقدارهم كل تافه وتويفهة، فأصبح العلماء يُخطّأون، ويُردّ عليهم ويعابون، بل يستهزأ بهم ويتنقصون!! وهذا ليس في جحور مغلقة بل في الجرائد والشبكة العنكبوتية وسائر وسائل الإعلام؟!! والأدهى والأمر أن هذا الانتقاص والاستهزاء والتخطئة يأتي من قِبَل قوم أكثرهم ليس له نصيب من العلم الشرعي إلا كنصيب الحمار من الأسفار التي يحملها، وصح في العلماء وفيهم قول الشاعر : ولو أني بليت بهاشمي خئولته بنو عبد المدان لهان عليَّ ما ألقى ولكن تعالوا فانظروا بمن ابتلاني ـ وهل كان أحد من الناس يظن -ولو في أضغاث الأحلام- أن يشارك رئيس هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أقدس بقعة في الأرض أهل الريب في اجتماعهم بل صار يفتيهم بما يحلو لهم ويشتهون؟! ـ وهل كان أحد من الناس يظن أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيبلغ بها الضعف إلى الدرجة التي نراها اليوم في الحجاز بعد أن كانت مِلْءَ السمع والبصر فتمنع من دخول الأسواق والمتنـزهات والمطاعم المختلطة وغير ذلك ويحجر على عملها حجراً كبيراً؟! ـ وهل كان أحد يظن أن حلقات تحفيظ القرآن في بلادنا تتوقف أكثر من 80 يوماً مهما سيق لذلك من مبررات وأعذار؟!! ـ وهل كان أحد يظن أن تتحكم النسوة بمسار الغرفة التجارية ليوجهنها كيف تريد لهن أهواؤهن وليجترئن على المجتمع هذه الجرأة التي نراها؟!! ويتحدين هذا التحدي الوقح، بل يسمين منتداهن باسم أطهر النسوة وأشرفهن على مدار تاريخ البشرية. كل هذا يجري في بلادنا التي ليس هنالك بلد في الدنيا يقاربها في كثرة المشايخ وطلبة العلم -اللهم إلا مصر واليمن - فلم يُؤت المشايخ إذن من قلة عددهم، ولا من عدم قبول المجتمع لهم، ولا من قلة نصرائهم إنما أُتوا من قِبل خلافهم. فإني إن عبت شيئاً على طلبة العلم والمشايخ منذ زمن الصحوة إلى الآن وهو ثلث قرن بل يزيد فإني أعيب عليهم هذا الخلاف المذموم بينهم الذي فرّق صفهم، وفَلّ حَدّهم، وجرّأ عليهم عدوهم، وجلب قالة السوء إليهم، حتى تناقل الخلافَ بينهم الركبان، وسار في الأمصار مسير الشمس، وفشا في الناس فصاروا يجهرون به بعد الهمس، بل خرج الخلاف من بلدنا هذا إلى سائر البلاد، وفُضحنا به بين العباد، وإنا لله وإنا إليه راجعون. ولئن جاز الخلاف المذموم في أي وقت فلا يجوز في هذا الوقت، ولئن ساغ في أي حال فلا يسوغ في هذه الأحوال العصيبة. والعجيب أنني أرى بقلبي قبل عيني، وببصيرتي قبل بصري أن أهل الفساد علينا مجتمعون، وبنا محيطون، ولِوَأْدنا يخططون، ولتفريق صفنا عاملون، ولإزاحتنا عن مواقع التأثير جاهدون ، وللشماتة مظهرون، وعلينا يحرضون ، قد أظهروا كل ذلك جلياً فلم يعودوا يخفون، وهم في كل ذلك مجتمعون متكاتفون ، ونظرة إلى جحورهم في الشبكة العنكبوتية ، وزواياهم المظلمة في الجرائد الدولية والمحلية، وما يتنادون به في الأندية والمجامع غير الأدبية، وما يرفعون به عقيرتهم في سائر وسائل الإعلام التي احتكروها لأنفسهم طويلاً، وملأوا بها بلادنا ضجيجاً وعويلاً، نظرة إلى هذا توضح صنيعهم، وتبين نواياهم وتظهر مكرهم بالبلد وأهله، فلا يحتاج الأمر إلى نظر فاحص طويل، ولا إلى جمع وتدليل، بل هو أوضح من الشمس وأقرب إلى الحِسّ من اللمس. كل هذا وكثير من المشايخ وطلبة العلم -وفقهم الله ونَفع بهم- ما زال منصرفاً عن المعارك العظمى، والنوازل الكبرى إلى إظهار الخلاف المذموم والتصنيف المشؤوم، وهمه هو جرح إخوانه من المشايخ، والعمل الدائب على إسقاطهم من أعين الناس، وتأليف المؤلفات في ذمهم، ومثل صنيعهم هذا كمثل التيوس التي تتناطح فيما بينها وسكين الجزار تنتظرها، والموت محيط بها، ينادي عليها وينعق بها، معذرة على هذا التشبيه فالأمر فوق ذلك وأخطر مما هنالك. هذا وفي بلادنا ما لا يقل عن مائة ألف -بل يزيدون- من المشايخ وطلبة العلم والعلماء والعلميين "الدكاترة" وخريجي الكليات الشرعية، ولا يسمع منهم في الأحداث الجارية صوت، ولا بدر منهم عمل، إنما المتصدر لهذا مئات قليلة فقط. فما أشبه الليلة بالبارحة، والذي حدث في مصر قبل مائة عام، وفي الشام والعراق والمغرب يحدث الآن في بلادنا، والعرب تقول: السعيد مَن اتعظ بغيره لا مَن وُعِظ به غيره، فإن لم يجتمع مشايخ بلادنا على كلمة سواء ينصحون بها ولي أمرنا، ويذودون بها عن حمى دولتنا، ويردعون بها الغوغاء والسفهاء والمفسدين، وينصرون بها الدين، ويقطعون الطريق على اللادينيين "العلمانيين" والمتحررين من ضوابط الشريعة "الليبراليين"، لئن لم يصنعوا ذلك فسيكونون عبرة للمعتبرين، وضحكة لأهل السوء المفسدين، وليُصبحن مثل أمس الدابر، وحديث السامر، ولتذهبن قوتهم أدراج الرياح، وليُناحن عليهم كل النِّياح، هذه سنة الله تعالى في المتخالفين، رأيناها في التواريخ ولا نحتاج إلى مزيد من البراهين. ولا أعني باجتماع المشايخ اجتماعهم في كتابة بيانات النصح والاستنكار فقط -وإن كان ذلك مطلوباً- بل يتجاوز ذلك إلى اجتماع القلوب، والتشاور والتنسيق فيما بينهم، والعمل مجتمعين لنصرة الدين، وأن يقيل بعضهم عثرات بعض، وأن يقبل بعضهم من بعض، وألاّ يتصيد بعضهم أخطاء بعض، فإنهم أصحاب منهج واحد مهما تعددت مشاربهم، ورفاق درب واحد مهما انتهت إليه اجتهاداتهم، فليتق الله المشايخ، وليعلموا أن الله تعالى سائلهم عن دينه وهل نصروه، وعن لوائه وهل رفعوه؟ وعن بلادهم وهل ذادوا عن حياضها؟ وعن شريعته وهل دافعوا عن سياجها؟ فالله الله يا معشر المشايخ وطلبة العلم، وتذكروا قول الله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" فأنتم أول مخاطب به وأحق الناس باتباعه، وتذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" وقد أحاطت بكم الذئاب من كل مكان، وتذكروا قول الشاعر: كونوا جميعاً يابنيّ إذا اعترى خَطْبٌ ولا تتفَرّقوا آحاداً تأبى العصيّ إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت أفراداً والله – تعالى - هو المستعان، وعليه – وحده - التُكلان ، ولا حول ولا قوة إلا به، ولا إله غيره ، إليه المرجع والمآب ، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين. وكتبه العبد المذنب الضعيف محمد بن موسى الشريف الثامن من شهر محرم / 1432
يا مشايخ المملكة اجتمعوا على كلمة سواء
الشيخ : محمد موسى الشريف
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن المتأمل بعين فاحصة بصيرة في الأحداث التي جرت في بلادنا عَقِب حرب الخليج المشؤومة سنة 1410/1990 إلى يوم الناس هذا ليخرجنّ عقب تأمله ونظره دَهِشاً مسترجعاً محوقلاً ؛ إذِ البلاد غير التي كنا نعرف ، والناس غير الناس الذين كنا نألف، فمنذ البدايات الأولى للصحوة الإسلامية في بلادنا سنة 1395/1975 إلى تاريخ تلك الحرب حوالي خمسة عشر عاماً عاشها الصالحون أفراحاً متتالية -إلا فترات قليلة- وهم يشاهدون الجموع الغفيرة تعود إلى الله تعالى، والجوامع ممتلئة ، والخير في المجتمع هو الأصل، والشر والفساد متواريان، لا يجرؤ أحد على إعلان ذلك وإظهاره. لكن - وآه من لكن- ما هي إلا سنوات قليلات بعد الحرب إلا والشيطان قد برز بقرنيه، والمفسدون وأهل الشر يبغون السوء في البلد وأهله، واستمر هذا قائماً إلى يومنا هذا؛ إذ كل وقت نُفاجأ بمفسد أو مُفسدة، ينشرون بيننا كل مَفسدة، وأهل الصلاح والخير والرشاد يفقدون كل يوم موقعاً، ويتزحزحون كل يوم عن مكان، كان لهم فيه الصدارة والريادة، والعز والسيادة. ولئن قام قائم من المشايخ وطلبة العلم يريد الذود عن حمى البلاد وتطهير العباد فوجئ بحملات إعلامية صحفية تُجَرَّد عليه وتصفه بكل سوء ومنقصة، فإن أراد أن يرد لا يُسمح له ولا يُسمع؛ فالقائمون على الجرائد لا يسمحون له بالرد، وإن سمحوا أخّروا وبتروا، ونقصوا ومحقوا فلا يكاد يغني هذا الرد شيئاً. وعشنا حتى رأينا المنكر معروفاً والمعروف منكراً بل عشنا حتى رأينا من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، وإنا لله وإنا إليه راجعون. ـ فهل كان أحد من الناس يظن أن المتفلتين "الليبراليين" واللادينيين "العلمانيين" في بلادنا ستكون لهم الكلمة العليا والمرجعية الأولى في وسائل الإعلام وفي بعض الأندية الأدبية، والمؤسسات الاجتماعية حتى صاروا حرباً على أهل الخير والصلاح؟ ـ وهل كان أحد من الناس - ولو كان من أشد المتشائمين تشاؤماً- يظن أنه سيأتي يوم يختلط فيه الرجال بالنساء في المحافل والمجامع والمنتديات والشركات والمستشفيات؟ ـ وهل كان أحد يظن - مهما بلغ به الوهم - أن جرايدنا التي كانت ممنوعة من إظهار صور النساء أصبح النسوة فيها يخرجن بشعورهن مكشوفة - إي وربي مكشوفة- في بلاد الحرمين والتوحيد، والنسوة هن من أهل هذه البلاد؟! دع عنك الأصباغ والزينة، والخلطة بالرجال والتصوير بينهم ومعهم، هذا بعد أن كانت المرأة لا تظهر ألبتة في جرائدنا إلا منتقبة فأصبحنا نراها في أسوأ صورة منتصبة. ـ وهل كان أحد يظن أن المرأة لا تكتفي بالبروز السافر بل تعيب على من عاب عليها وترد عليه ولو كان من هيئة كبار العلماء؟! ـ وهل كان أحد يظن أن هيبة كبار العلماء في بلادنا تصبح خبراً من الأخبار الماضية، وحديثاً من أحاديث السمر الواهية بعد أن اجترأ عليهم الرويبضة، واستخف بمقدارهم كل تافه وتويفهة، فأصبح العلماء يُخطّأون، ويُردّ عليهم ويعابون، بل يستهزأ بهم ويتنقصون!! وهذا ليس في جحور مغلقة بل في الجرائد والشبكة العنكبوتية وسائر وسائل الإعلام؟!! والأدهى والأمر أن هذا الانتقاص والاستهزاء والتخطئة يأتي من قِبَل قوم أكثرهم ليس له نصيب من العلم الشرعي إلا كنصيب الحمار من الأسفار التي يحملها، وصح في العلماء وفيهم قول الشاعر : ولو أني بليت بهاشمي خئولته بنو عبد المدان لهان عليَّ ما ألقى ولكن تعالوا فانظروا بمن ابتلاني ـ وهل كان أحد من الناس يظن -ولو في أضغاث الأحلام- أن يشارك رئيس هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أقدس بقعة في الأرض أهل الريب في اجتماعهم بل صار يفتيهم بما يحلو لهم ويشتهون؟! ـ وهل كان أحد من الناس يظن أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيبلغ بها الضعف إلى الدرجة التي نراها اليوم في الحجاز بعد أن كانت مِلْءَ السمع والبصر فتمنع من دخول الأسواق والمتنـزهات والمطاعم المختلطة وغير ذلك ويحجر على عملها حجراً كبيراً؟! ـ وهل كان أحد يظن أن حلقات تحفيظ القرآن في بلادنا تتوقف أكثر من 80 يوماً مهما سيق لذلك من مبررات وأعذار؟!! ـ وهل كان أحد يظن أن تتحكم النسوة بمسار الغرفة التجارية ليوجهنها كيف تريد لهن أهواؤهن وليجترئن على المجتمع هذه الجرأة التي نراها؟!! ويتحدين هذا التحدي الوقح، بل يسمين منتداهن باسم أطهر النسوة وأشرفهن على مدار تاريخ البشرية. كل هذا يجري في بلادنا التي ليس هنالك بلد في الدنيا يقاربها في كثرة المشايخ وطلبة العلم -اللهم إلا مصر واليمن - فلم يُؤت المشايخ إذن من قلة عددهم، ولا من عدم قبول المجتمع لهم، ولا من قلة نصرائهم إنما أُتوا من قِبل خلافهم. فإني إن عبت شيئاً على طلبة العلم والمشايخ منذ زمن الصحوة إلى الآن وهو ثلث قرن بل يزيد فإني أعيب عليهم هذا الخلاف المذموم بينهم الذي فرّق صفهم، وفَلّ حَدّهم، وجرّأ عليهم عدوهم، وجلب قالة السوء إليهم، حتى تناقل الخلافَ بينهم الركبان، وسار في الأمصار مسير الشمس، وفشا في الناس فصاروا يجهرون به بعد الهمس، بل خرج الخلاف من بلدنا هذا إلى سائر البلاد، وفُضحنا به بين العباد، وإنا لله وإنا إليه راجعون. ولئن جاز الخلاف المذموم في أي وقت فلا يجوز في هذا الوقت، ولئن ساغ في أي حال فلا يسوغ في هذه الأحوال العصيبة. والعجيب أنني أرى بقلبي قبل عيني، وببصيرتي قبل بصري أن أهل الفساد علينا مجتمعون، وبنا محيطون، ولِوَأْدنا يخططون، ولتفريق صفنا عاملون، ولإزاحتنا عن مواقع التأثير جاهدون ، وللشماتة مظهرون، وعلينا يحرضون ، قد أظهروا كل ذلك جلياً فلم يعودوا يخفون، وهم في كل ذلك مجتمعون متكاتفون ، ونظرة إلى جحورهم في الشبكة العنكبوتية ، وزواياهم المظلمة في الجرائد الدولية والمحلية، وما يتنادون به في الأندية والمجامع غير الأدبية، وما يرفعون به عقيرتهم في سائر وسائل الإعلام التي احتكروها لأنفسهم طويلاً، وملأوا بها بلادنا ضجيجاً وعويلاً، نظرة إلى هذا توضح صنيعهم، وتبين نواياهم وتظهر مكرهم بالبلد وأهله، فلا يحتاج الأمر إلى نظر فاحص طويل، ولا إلى جمع وتدليل، بل هو أوضح من الشمس وأقرب إلى الحِسّ من اللمس. كل هذا وكثير من المشايخ وطلبة العلم -وفقهم الله ونَفع بهم- ما زال منصرفاً عن المعارك العظمى، والنوازل الكبرى إلى إظهار الخلاف المذموم والتصنيف المشؤوم، وهمه هو جرح إخوانه من المشايخ، والعمل الدائب على إسقاطهم من أعين الناس، وتأليف المؤلفات في ذمهم، ومثل صنيعهم هذا كمثل التيوس التي تتناطح فيما بينها وسكين الجزار تنتظرها، والموت محيط بها، ينادي عليها وينعق بها، معذرة على هذا التشبيه فالأمر فوق ذلك وأخطر مما هنالك. هذا وفي بلادنا ما لا يقل عن مائة ألف -بل يزيدون- من المشايخ وطلبة العلم والعلماء والعلميين "الدكاترة" وخريجي الكليات الشرعية، ولا يسمع منهم في الأحداث الجارية صوت، ولا بدر منهم عمل، إنما المتصدر لهذا مئات قليلة فقط. فما أشبه الليلة بالبارحة، والذي حدث في مصر قبل مائة عام، وفي الشام والعراق والمغرب يحدث الآن في بلادنا، والعرب تقول: السعيد مَن اتعظ بغيره لا مَن وُعِظ به غيره، فإن لم يجتمع مشايخ بلادنا على كلمة سواء ينصحون بها ولي أمرنا، ويذودون بها عن حمى دولتنا، ويردعون بها الغوغاء والسفهاء والمفسدين، وينصرون بها الدين، ويقطعون الطريق على اللادينيين "العلمانيين" والمتحررين من ضوابط الشريعة "الليبراليين"، لئن لم يصنعوا ذلك فسيكونون عبرة للمعتبرين، وضحكة لأهل السوء المفسدين، وليُصبحن مثل أمس الدابر، وحديث السامر، ولتذهبن قوتهم أدراج الرياح، وليُناحن عليهم كل النِّياح، هذه سنة الله تعالى في المتخالفين، رأيناها في التواريخ ولا نحتاج إلى مزيد من البراهين. ولا أعني باجتماع المشايخ اجتماعهم في كتابة بيانات النصح والاستنكار فقط -وإن كان ذلك مطلوباً- بل يتجاوز ذلك إلى اجتماع القلوب، والتشاور والتنسيق فيما بينهم، والعمل مجتمعين لنصرة الدين، وأن يقيل بعضهم عثرات بعض، وأن يقبل بعضهم من بعض، وألاّ يتصيد بعضهم أخطاء بعض، فإنهم أصحاب منهج واحد مهما تعددت مشاربهم، ورفاق درب واحد مهما انتهت إليه اجتهاداتهم، فليتق الله المشايخ، وليعلموا أن الله تعالى سائلهم عن دينه وهل نصروه، وعن لوائه وهل رفعوه؟ وعن بلادهم وهل ذادوا عن حياضها؟ وعن شريعته وهل دافعوا عن سياجها؟ فالله الله يا معشر المشايخ وطلبة العلم، وتذكروا قول الله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" فأنتم أول مخاطب به وأحق الناس باتباعه، وتذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" وقد أحاطت بكم الذئاب من كل مكان، وتذكروا قول الشاعر: كونوا جميعاً يابنيّ إذا اعترى خَطْبٌ ولا تتفَرّقوا آحاداً تأبى العصيّ إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت أفراداً والله – تعالى - هو المستعان، وعليه – وحده - التُكلان ، ولا حول ولا قوة إلا به، ولا إله غيره ، إليه المرجع والمآب ، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين. وكتبه العبد المذنب الضعيف محمد بن موسى الشريف الثامن من شهر محرم / 1432
الشيخ : محمد موسى الشريف
---------
مجموعة : || شجن || www.shjn.ws
درر و جواهر و إبداع متناثر ..
للاستفسار أو المشاركة بموضوع :
mohd242@gmail.com
http://groups.google.com/group/mohd242
للاشتراك في المجموعة :
أرسل رسالة فارغة إلى :
mohd242+subscribe@googlegroups.com
---------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
حياك الله ، يشرفني تعليقك .