٢٥‏/٠٣‏/٢٠١٠

المقامة الأحمدية

بسم الله
22%D8%B3.png



د. عبد الرحمن بن محمد الغريب - صحيفة المسك

حدثنا عُميْرُ بنِ حِزام، جهيراً بالكلامِ، بعدَ أن ألقى السلامَ وحيَّى بتحيةِ الإسلام.. فقالَ : بينَا أنا في بلادِ البحريْنِ .. راجعاًَ من البلَدِ الأمين، أتأمّلُ تلكَ القِفار، وأتقصّى هاتيكَ البِحار، إذ خرجَ علينا شابٌ وقور، على الحُسنِ مأطور، قالَ أفيكم ابنُ حزام ؟ الحارثُ الهمّام ؟ قلتُ وما ذاك ؟ أخبِرني بالذي دهاك ، فتنفّسَ وتنهّد ، وتبسّمَ وتودّد ، ثمّ قال : أخبِرني عن يُوسُفٍ الأحمد، فالنفسُ بِذكراهُ تسعَد، والقلوبُ بمحبتهِ تشهَد .. وإنِّي رأيتُ النَّوْكى عليهِ تألَّبوا، والحمقى حولَ فناءهِ تكالبوا، فما خبرُهُ؟ وقد كثُرَ في الإعلامِ ذِكرهُ؟ وسارت في الآفاقِ أخبارهُ، وكثُرَ في الحقِّ أنصارُه ..
قالَ عُميْرُ بنُ حزامٍ : فحلَلتُ حَبوَتي، واعتدلتُ في جِلسَتي، ثمّ قلتُ : يوسفٌ وما أدراكَ ما يُوسُف، يُذيبُ العلمَ والعلمُ يُذيبُه، ويدعو القولَ والفقهُ يُجيبُه ..
فتـىً قد حباهُ اللهُ بالحُسنِ يافعاً .. ولما رأى المجدَ اِستعار ثيـابهُ
يُوسفُ الأحمد : مُجدِّدٌ، مُوحِّدٌ، متعبِّد، بنشرِ الاِحتسابِ متفرِّد، كم أزالَ من بِدَع، وكم من ليبراليٍّ شهوانيٍ قمََع .
يوسفُ الأحمد : صرامةٌ في الحق، وسماحةٌ بينَ الخلق، وإصرارٌ على الصِدق، ودعوةٌ في رفق ..
يوسفُ الأحمد : سلطانُ الفقهاء، وواعظُ الأُمراء، فهوَ بالاِحتسابِ هائم، ولا يخافُ في ذاتِ اللهِ لومةَ لائم .
يُوسفُ الأحمد : في زمنهِ علماء، وفي وقتهِ فقهاء، لكن: منهم من ظنَّ أنًّ السلامةَ في السكوتِ وأكلِ القوتِ ولزومِ البيوت، أما يُوسُف فرَجلٌ غلاّب، تحدّى الصِعاب، نطَقِ بالحقِّ يومَ سكتَ لِداتُه، وزأرَ بالصِّدق في وجوهِ عِداتِه .
قالَ عُميْرُ بنُ حِزام : فاندَهشَ الفتى وفَغَر، ورضيَ بما قلتُهُ وأقرّ، ثمّ قالَ: فما تقولُ في تصريحهِ عن هدمِ الحرَم؟
قلتُ: وهل قالَ إلاّ الصحيح؟ بنصٍ من الفقهِ صريح، فالرجلُ قد نطقَ باليقين، وتكلِّمَ بما هوَ معلومٌ من الضرورةِ في الدين ..
قالَ : وماذا عمّن هاجموه؟ وبالقوْلِ السوءِ رموْه ؟
قلتُ : ثقُلت عليهمُ النصوصُ فكرِهوها , وأعياهم حملها فألقوْها عن أكتافهم ووضعوها , وتفلَّتت منهمُ السُّننُ أن يحفظوها فأهملُوها , وصالت عليهم نصوصُ الكتاب والسنة فوضعوا لها قوانين ردُّوها بها ودفعوها ، وما قالوا ما قالوا حُباً في الحرَم، فهم جُفاةُ الأخلاقِ والقِيَم ..
وهيهاتَ هيهات، فليسَ عُشرُ ما أمَّلوهُ بآتٍ، فيُوسفُ ما بينَ إخباتٍ وثبَات ..
قالَ : لقد كانَ منهم بعضُ المحسوبينَ على العِلم، والمعدوددينَ من ذوي الفَهم ..
قلتُ : وهل يضُرُّ السحابَ نُباحُ الكِلاب؟ أم هل يطولُ الجبالَ الشُمّ تطايُرَ الذُباب ؟
قالَ فما وصِيَّتُكَ لأبي عبدِالله، يوسفُ بنُ عبدِ اللهِ الأحمد، فالرجلُ قد أرغى وأزبَد، وتوعّد الخصومَ وهدّد :
قلتُ : أردُّهُ إلى قولِ مَن عطاؤُهُ غيرُ مَمنون " ألم، أحسِبَ الناسُ أن يُتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يُفتَنون " .
قالَ عُميْرُ بنُ حزام : فشَكَرني الغلامُ وولّى، فراحَ مُشرِّقاً ورُحتُ مُغرِّباً .

drabdulrahman1@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حياك الله ، يشرفني تعليقك .

أعجبني