٢٠‏/٠٤‏/٢٠١٠

ضحايا كتب الأهواء ..


بسم الله
22%D8%B3.png






 

ضحايا كتب الأهواء
الأعرابي

* فلان من حضر دورات الشنقيطي المكثفة لشرح عمدة الفقه .. فلان الذي حفظ القرآن عن ظهر قلب .. وعلى غير عادته بعد السلام قال: لا بد أن نعيد تفسير النص! لا بد أن نحلل النص
 
لم يكن شيئاً هناك سوى حديث بين صبية أعمارهم تتجاوز العاشرة قليلاً , كانت قضيتهم أين يمكن أن يجدوا شماغ البسام بصمة 1 وفي تلك الأيام أوائل ظهورها , توالت الأيام عليهم , وبدأت أحلام الصبية تتضح , و طموحات الشباب تتفجر.
 
كان التسابق بينهم في المعهد في إجادة فهم واستيعاب المسائل العقدية والفقيهة , وأيهم كان أميز وأبرع فهو المقدم بغض النظر عن مستواه الدراسي , لا يزال يذكر فيما يحدث عن نفسه أن كان يسير مع والده مغرب ذلك اليوم  في طريقهما لأداء الصلاة بالمسجد النبوي الشريف و خرج من والده دمٌ خفيف لا يكاد يذكر , فأراد والده إعادة الوضوء فبادر أباه بتعالم الصبي "يبه لا تعيد الوضوء قال في عمدة الفقه (ويعفى عن يسير الدم وما تولد منه من قيح وصديد)". ابتسم والده وقال: الاحتياط واجب.
 
كان واحداً منهم ابناً لفقيه ورعٍ فاضل , وكان يتباهى عليهم بأنهم يملكون أشرطةً كثيرة ممنوعة للشيخ العودة والقرني وسفر الحوالي , وكان به من اللطف أن ينسخ هذه الأشرطة ويوزعها على رفاقه خفيةً.
 
مرت أيام .. وشهور .. لا بل وسنوات , وشق الفتيان طريقهم بعمل جماعي مبدع .. كان من بينهم "فلان" الذي لم يكن يوافقهم على كثير من نشاطاتهم , بل أكثر من ذلك كان يتطاول على مسجل السيارة لتكسير أشرطة الإنشاد في تلك الأزمان وهي بدائية بمعنى الكلمة وكان مستنده "تغيير المنكر" .. في أواخر الثانوية وأوائل الجامعة كانت تجذبهم أشرطة وكتب المفكر الإسلامي محمد جربوعه خاصة أشرطته حين يطغى الحماس عليه فتختلط الفكرة بلهجة مغربية رائعة .. ثم انتقلوا إلى عبدالوهاب المسيري .. ثم في أواخر الجامعة اشتدت شوكة اللبراليين في السعودية وأصبح بأيديهم الإغراء الإعلامي .. وانساقوا خلف تلك الأضواء يبنون علاقات مشبوهه , تعرفوا على فلان وفلان ..
 
بدؤوا يقصدون الأشخاص لبناء علاقات خاصة , ولكن أولئك السادة اللبراليون لم يكونوا ليمكنوهم من دون أن يقرؤا لمحمد عابد الجابري ومحمد أركون وحسن حنفي وتلك الشلة العربية الملحدة .. ثم بدأ السادة بمراسلة أولئك الشباب ببعض الكتب التي كان الحصول عليها صعباً , تغير صاحبنا منكر الأناشيد وصار يتلذذ بها بعد أن كان يتتبع رقائق الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي .. وتفرق الشباب .. وهو أحدهم لكن صاحبه منكر الأناشيد يتصل به بين فترة وفترة .. مرةً قال له: مؤتمر في تونس وفلان موجه لي ولك الدعوة! , سألته هل مطلوب منا ورقة عمل معينة أو مشاركة محددة فرد لا !!
 
بدأت تساوره الشكوك حول تلك الدعوات المشبوهة .. مرة إلى دبي وأخرى إلى تركيا , وثالثه إلى مدريد , ورابعة إلى لندن ولقاءات مع زنادقة اللبرالية العرب ..
 
وهكذا .. بدأ صاحبه يبعد ويختار طريقاً غير مستقيم .. ومن أول أمارات هذا الطريق الاستهزاء بأهل الدين وهم بالجملة معصومون للحديث "لا تجتمع أمتي على ضلالة" .. كان دوماً يذكر صاحبه بالله ويخوفه به , لكن صاحبه يتذرع بالإطلاع , وبناء العلاقات والتمادي فيها ليس إلا لمجرد كشف فكرهم , وفضحهم .. أصبح صاحبه منفتح يتلذذ بالغناء ويطربه , يبادر لبناء علاقات مع الفتيات , فلانة تعرفت عليها في الكويت وفلانة في دبي والثالثة أثناء فترة الغداء في تونس وفلانة في طريق العودة من لندن والرابعة في مدريد! وبدأت مرحلة الانحلال الخلقي , والعلاقات العاطفية المحرمة .. وهو لا يزال يناصح صاحبه ولكن صاحبه يبعد إلى هناااااك إلى حيث لا وجهه ..
 
بالأمس .. نعم بالأمس .. اتصل به صديقه .. إنه فلان .. من حضر شرح عمدة الأحكام للشنقيطي في الحرم حتى كتاب الحدود .. فلان من حضر دورات الشنقيطي المكثفة لشرح عمدة الفقة .. فلان الذي حفظ القرآن عن ظهر قلب .. فلان .. .. , وعلى غير عادته بعد السلام قال: لا بد أن نعيد تفسير النص! لا بد أن نحلل النص .. كيف!! لا أفهم ما تقول !! يا فلان: بالأمس تقول نعيد قراءة تفسير النص , وقلنا لعل وعسى .. اليوم تتطاول على النص! , فضحك وقهقه لا بد أن ننقد النص وفقاً لنظرية "موت المؤلف" والدلالة والثبوت في أصول الفقة الإسلامي ..
 
وقال: مرةً في مكان كذا وكذا ووصلتني رسالة  منك عبارة عن إشراقة قرآنية حول آية "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت" وتكلفت أن تستخرج منها ما أرسلت به إلي , وقال بهجة متهكم: أسألك بالله هل تتوقع أن الإنجليز عندكم يتعجبون من خلق الإبل وأردفها بضحكة , وأنا استمع له ولا أكاد أصدق! .. ختمها بالتطاول على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لي بهذا النص "في سقيفة بني ساعدة قال عمر يا أبا بكر مد يدك نبايعك , فردها له أبو بكر يوم أن وافته المنية" يقصد يوم أن عهد له بالخلافة! استغفر الله العظيييييم .. قاطعته يا فلان يقول الله "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار .." , يا فلان:"من أدام النظر في كتب أهل الأهواء وهجر القرآن حرم نور الوحي , أقرأ ما تشاء ولكن حزبك حزبك ومخافة الله وقصد الحق .. ثم الله الله في التنسك والتعبد" , فرد "يا فلان: أنا لو الإسلام مو داخل راسي , أنا مو محتاج له".
 
والله إني عيني أغرورقت بالدموع .. وتمالكت نفسي وانهيت المكالمة .. أي غرور ثقافي جرأك على كتاب الله ودينه وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 
قبل أن يغلق قال لي: أنا اعتذر الطائرة ستقلع الآن إلى دبي!
 
هذه رواية واقعية أبطالها أنا الكاتب لكم , وأحد من كان يوماً ما "صديقاً" .. وهي رسالة لكم: إياكم وإدامة النظر في كتب أهل الأهواء.
 
حدثت بها شيخنا أدام الله عليه أفضاله فقال: فلان , أنت رويت لي في فترات متفاوتة أخباراً مؤثرة عن بعض الشباب الذين شوشت عقيدتهم كتب أهل الأهواء , وكيف تجرؤا على إطلاق عبارات خطيرة ... سيكون لها أثر عميق في إيقاظ الوعي "وكذلك نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك" , ووعدته أن أفعل ولعل هذا أول الأخبار .. أسأل الله بسخائه الإلهي أن يحفظنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن , وأن يرد من انحرف عن الصراط بمنه وفضله ورحمته , اللهم ردهم إليك رداً جميلاً .. آمين .. آمين.
 
 

 



--
"إنكم لتعملون أعمالا هي أدقُّ في أعينكم من الشَّعْرِ، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات!"
أنس بن مالك رضي الله عنه، في صحيح البخاري.

أخوكم : محب القمم
بريدي الالكتروني
روافد .. من ينابيع الخير شواهد مشاهد ذات بهجة

تابعني Facebook
Signature powered by WiseStamp 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حياك الله ، يشرفني تعليقك .

أعجبني