١٤ رجب ١٤٣١ هـ

رسالة خاصة للشيخ عادل الكلباني ورسالة عامة لمن أراد الرد - الشيخ عبد العزيز السدحان

بسم الله
22%D8%B3.png


إرسال إلى صديقطباعةPDF


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد فهاتان رسالتان خاصة وعامة .

أما الخاصة فللشيخ عادل الكلباني سلمه الله تعالى وقد أرسلتها إليه منذ سنتين أو ثلاث حسب ظني – ولم يأتني جواب منه ورأيت إعادة نشرها للمصلحة المرجوة . لأن من السياسة الشرعية أن ما شاع واشتهر يكون جوابه بمثله من إشاعته وإشهاره

وأما الرسالة العامة ـ وقد كتبتها هذه الأيام ـ فهي إلى الذين يكتبون ردودا وتعاليق على بعض ما يصدر من الفتاوى والآراء .

الرسالة الخاصة :

فضيلة الشيخ / عادل بن سالم الكلباني ... حفظه الله تعالى ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وبعد :

فيا أخي الكريم ... أحببتُك في الله قبل أن أراك ؛ لما سمعتُ عنك من حُسن تلاوة وقبل ذلك حُسن أدب , وقد زاد حُبِّي لك بعد رؤيتي لك ومعرفتي بك , فقد لمستُ من شخصك الكريم تواضعاً ورحابة صدر , زادكم الله تعالى توفيقاً وسداداً .

ثم أخي الكريم الشيخ عادل زاد حُبِّي لك لحرصك على اقتفاء السنّة في صلاة التراويح من حيث الترتيل بتأنّ مع طول نسبيّ , خلافاً لكثير – بل لأكثر – الأئمة وفقهم الله تعالى .وقد ذكرتُ في أثناء كلمة ألقيتُها في مسجدكم بعد التراويح أنّ صلاتكم للتراويح من أقرب الصلاة إلى السنّة , وقد بلغني أن فضيلة الشيخ ابن جبرين – أثابه الله تعالى – قد أشار إلى ذلك . وهذا من فضل الله تعالى عليك .

أخي الحبيب الشيخ عادل ... ليقيني بمحبتك لي ومحبتي لك , ولعلمي بسعة صدرك ومن باب زكاة ثمرة الأخوة والمحبة في الله ... كتبتُ لك هذه الرِّسالة التي اللهَ أسأل أن تلاقي مكاناً في قلبك الواسع , وأحسب أنها ستكون كذلك .

فضيلة الشيخ عادل ... ترامى إلى مسامعي خبرٌ مفاده أنكم ترون جواز آلات الغناء , بل إنّ الخبر تلقته الألسنة ولاكته الأفواه حتى كاد يكون مضغة في لسان بعضهم .

ولقد عنفتُ على بعض النقَلَة من جهتين :

الأولى : التثبت في صحّة النقل على مراد المنقول عنه .

والثانية : لزوم المسلك الشرعيّ في النصح لمن أراد المناصحة .

فضيلة الشيخ ... في خطابي هذا لن أباحثكم في أدلة تحريم الغناء ومن خالف فيه, لكن مرادي – بعد دعائي لكم سابقاً ولاحقاً – أن أذكر لكم أموراً لعلّ شخصكم الكريم يتأمَّلها , واللهَ أسأل أن يرزقنا وإياكم التقوى في القول والعمل في السرِّ والعلَن :

أولاً : أن فضيلتكم قد عُرف بالقراءة والإقراء , وهذا ليس من باب الشهرة بل من باب التواتر , جعلكم الله تعالى ممَّن يشملهم قوله  : (( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )) أخرجه الإمام البخاري عن عثمان بن عفّان رضي الله تعالى عنه , وأنعِمْ بهذا الوصف من كرامة وشرف تفوق النسب والحسَب .

ثانياً : من ضوابط المروءة التي أشار إليها أهلُ العلم أن يحرص المرء على ترك ما يُذمُّ به من قول أو فعل , وهذا الأمر يفتح باباً من الذمّ والنقد .

فضيلة الشيخ ... لك أن تقول : وليكن ذلك منهم . ولكن لي أن أقول – لمحبَّتي لك – : شخصُك أغلى من أن يكون سهاماً للذمّ , وهذا الأمر – أخي الكريم – لا يلزمك شرعاً –  بل ولا عقلاً – إظهارُه بين الناس , وفي ذِكره مضرَّة عليك دون منفعة لك , وبخاصة – كما أشرت لكم سابقاً – أنّ مقامكم عند الناس من الثلّة المقدَّمة في القراءة , وهذا – فضيلةَ الشيخ – مما يجعل هذا القول منكم مستهجناً ليس عند المانعين للغناء فحسب , بل حتى عند سواد الناس عموماً من المستمعين للغناء – هداهم الله تعالى – وغيرهم .

واجعل نصب عينيك – أخي رعاك الله تعالى – قولَه  : (( إياك وما يُعتذَر منه)) . وقد ورد عن عليّ رضي الله تعالى عنه مقولة بهذا المعنى : (( إياك وما يسبق إلى القلوب إنكارُه وإن كان عندك إعتذارُه )) .

ثالثاً : فضيلة الشيخ ... لا يخفاكم – رعاكم الله تعالى – ما يواجهه المجتمع من عداء متنوِّع , فحصوننا مهدّدة من داخلها وخارجها , والهجمة الشرسة على ثوابت الإسلام وآدابه وأخلاقه مستمرة آناء الليل وأطراف النهار , حتى أصبحت الأقلام المعادية تتبارى وتتنافس في الطعن في الثوابت والتشكيك في حٍكَم الشريعة وأحكامها .

ولا يقال هذا من باب اليأس والقنوط ... معاذ الله , حاشا وكلاّ 

ولكن يذكر ذلك من باب قوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) . فمثل الشيخ عادل ومحرابه ومنبره واجتماع الآلاف للصلاة خلفه وإلقاء الكلمات التعليمية والوعظية في أولئك الجموع سببٌ عظيمٌ للتكاتُف والترابط بين أهل الخير والفضل .

رابعاً : فضيلة الشيخ ... والحاذق من اعتبر بغيره , فَتْوَاكم بجواز آلات الغِناء سيجعلها بعض أهل الأهواء مطيةً له في تحسين صورة شبهاته وشهواته تارةً من طرفٍ خفيّ , وتارةً من طرفٍ جليّ .

خامساً : فضيلة الشيخ تأمَّل في هذه النصوص النبوية :

1-    لما شفى الله نبيَّه  من أثر السِّحر وأراد بعض أصحابه – رضي الله تعالى عنه – منه  أن ينتقم من الساحر اليهوديّ ويُعاقبه قال  - فيما معناه - : أكره أن أثير على الناس شرَّا .

 ذكر بعض الشرَّاح أن مراد النبي  من ذلك : أنّ الله تعالى قد عافاه من

 مرض السِّحر وهذا هو المراد , وأمَّا عقوبة الساحر اليهوديّ فقد تفتح باباً 

 من الشرّ بين الصحابة واليهود , فترك ذلك أولى لمراعاة المصلحة العامّة,

 وانظر – رعاك الله تعالى – كم تفتح مثل تلك الأقوال من الشرّ على

 أصحابها ؟!

2-    قول معاذ رضي الله تعالى عنه : يا رسول الله , أفلا أبشر الناس ؟ قال : (( لا تبشرهم فيتكلوا )) . مع أنّ عصر المجتمع النبوي هو العصر الذهبي للأمّة , لوجود النبيِّ  معهم . مع أن الأمر عقديّ , ولكن خشية النبيّ  كانت أن يفهم سواد الناس هذا الحديث على ظاهره دون لوازمه , ثم أخبر بذلك معاذاً خشية كتم العلم وقد رسخ في الناس فهم معنى الحديث .

أخي الشيخ عادل ... إني – والله شاهد – لك محبّ ولك ناصح وعلى نفسي وعليك مشفق , تأمّل في هذه المسألة ثم تأمّل كتب مقاصد الشريعة – مبحث المصالح والمفاسد – , وكذا انظر بتمعُّن في مسألة المعازف وكلام أهل العلم الذي يكاد أن يكون واحداً في ذمِّها والتشنيع عليها شرعاً وعقلاً ؛ لما يترتّب على مقدِّماتها من نتائج وخيمة .

ختاماً ... أخي الحبيب الشيخ عادل ... اللهَ أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يجعلنا وإياك مبارَكين أينما كنّا , إنه تعالى سميعٌ مجيب .

والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الرسالة العامة                                                               

أما الرسالة العامة فهي كما سبق آنفاً إلى الذي يكتبون ردودا وتعاليق على بعض ما يصدر من الفتاوى والآراء .

أولاً  :  أن يكون مقصدُ صاحب الرد مرضاةَ الله تعالى .

ثانياً :  لغة العلم والنصح لا مكان في محيطها للألفاظ النابية والمبتذلة .

ثالثاً :  من قبيح ما يكون في بعض الردود والتعاليق التعرض للأنساب والأقاليم قدحاً وتهكماً وازدراءً وهذا فيه لوثة من خصال أهل الجاهلية .

رابعاً: لا يلزم من صلاح النية صلاح العمل فقد يكون الراد سليم القصد لكنه ضعيف التحصيل العلمي فمثل هذا لا يشفع له صلاح نيته وسلامة قصده في أن يتكلم في مباحث العلم  فعليه أن يمسك لسانه ويكسر قلمه وأن يسأل أهل العلم .

خامسا : الرد على قسمين : رد إجمالي ورد تفصيلي .

الرد الإجمالي : أن يحكي قول من يثق بعلمه ولا يزيد فيقول مثلاً : الشيخ فلان من العلماء المعتبرين وهو يفتي بخلاف ما تقول .

الرد التفصيلي : ويكون ذلك بمناقشة حجج القول الآخر وتفنيد تلك الحجج بعلم , ثم سياق أدلة القول الذي انتصرت له , مع مراعاة الأدب والنقاش وظهور قوة الحجة في الرد على أدلة القول الآخر .

                                                        أخوكم ومحبُّكم

عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله السدحان


أخوكم : محب القمم
بريدي الالكتروني

روافد .. من ينابيع الخير شواهد مشاهد ذات بهجة

تابعني Facebook Twitter
Signature powered by WiseStamp 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حياك الله ، يشرفني تعليقك .

أعجبني