١٢‏/٠٧‏/٢٠١٠

العُمري: الشيخ المطرودي كان أقوى المرشحين لتولي هيئة الأوقاف الجديدة

بسم الله
22%D8%B3.png



يرفض الأضواء ويحب العلماء ويأبى أن يدخل جيبه ريال ليس من حقه
العُمري: الشيخ المطرودي كان أقوى المرشحين لتولي هيئة الأوقاف الجديدة
سبق - متابعة : كشف الإعلامي سلمان بن محمد العُمري أن الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن سليمان المطرودي وكيل وزارة الشؤون الإسلامية الذي توفي يوم الجمعة الماضي إثر نوبة قلبية، كان المرشح الأقوى لتولي مسؤولية هيئة الأوقاف الجديدة التي صدر بها قرار من مجلس الوزراء مؤخراً, مشيراً إلى أن كفاءة وقدرة وعطاء الشيخ المطرودي - رحمه الله - هي التي جعلت الإجماع يكون عليه لترشيحه لتولي إدارة الهيئة, وتُعقد عليه الآمال في النهوض بقطاع الأوقاف, وقال العُمري في مقال له في "الجزيرة" اليوم: لقد كان خبر وفاة المطرودي صدمة لنا جميعاً, متذكراً رحلته من جامعة الإمام إلى الوزارة, وقال العُمري: "عقب صلاة الجمعة الأخيرة تلقيت اتصالاً هاتفياً من الشيخ زياد بن عبد الكريم المشيقح، وبدون مقدمات قدم تعازيه في أخي وحبيبي الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن سليمان المطرودي، رحمه الله.. لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون، كررتها مراراً، ثم أعدت السؤال على أخينا، وهو رجل ثقة: أمتأكد أنت من الخبر؟ وما الذي حدث؟ ثم اتصلت بشقيق الفقيد (محمد) فأكد لي الخبر، وأبلغت معالي الوزير الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، وكم كانت الصدمة والفجيعة على الجميع، إنا لله وإنا إليه راجعون".
مضيفاً: ماذا عساي أن أقول عن هذا الفقيد، رحمه الله؟ أعن أمانته وإخلاصه؟ أم عن بره بوالديه وصلة أرحامه؟ أم عن تواضعه وإنسانيته مع زملائه في العمل؟ وبساطته؟ أم عن حمله لهم الدعوة؟ في يوم الوفاة كان له حديث صحفي عن الآمال الجديدة المنعقدة على هيئة الأوقاف الجديدة، مع مجموعة من المختصين، وقد علمت أنه أحد المرشحين لتولي رئاسة الهيئة بترشيح من معالي الوزير، وما أصدق قول الشاعر ابن عثيمين، رحمه الله تعالى:
نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها *** وحبل الردى مما نرجيه أقرب

إنا لله وإنا إليه راجعون .. تأسست وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في عام 1414هـ، وكان د. عبد الرحمن المطرودي، وكاتب هذه السطور، من ضمن أحد عشرة موظفاً الذين استقطبهم معالي الدكتور عبدالله التركي من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، للعمل في هذه الوزارة الجديدة، فعمل وكيلاً مساعداً للشؤون الإسلامية، ثم وكيلاً للوزارة لشؤون الأوقاف، فكان نعم الأمين، والرجل المخلص لدينه ووطنه، كان قدوة للموظفين في كل خصلة حميدة، حضوره للعمل في أول الوقت ولا ينصرف إلا بعد صلاة العصر، لا يغلب المصلحة الفردية على المصلحة العامة، ينزل الناس منازلهم، يقدر كبيرهم، ويتواضع مع صغيرهم، دائم الابتسامة والبشاشة، مع الجد في العمل، لا يعرف الكلل ولا الملل، وحين شغرت وظيفة وكيل الوزارة للمطبوعات والبحث العلمي بانتقال زميلنا الدكتور محمد التركي لمجلس الشورى، كلفه معالي الوزير -حفظه الله- بهذه الوكالة، إلى جانب إدارته لوكالة الوزارة لشؤون الأوقاف .
 أعمال عديدة اشتركت فيها معه، ولجان داخلية وخارجية، زادت عن الثلاثين رحلة في بريطانيا، والأرجنتين، والدنمرك، وإندونيسيا، والمغرب، والمجر، وبلجيكا، وجنوب أفريقيا، وأسبانيا، وألبانيا، والسنغال، وغيرها.. ومعظم مناطق المملكة، وكان رئيساً للجان التحضيرية لملتقيات خادم الحرمين الشريفين في عدد من الدول، ورئيساً لفريق العمل في مشاريع الأوقاف، وكان في قمة العطاء والتضحية، يباشر أعماله في هذه اللجان حتى ساعات متأخرة من الليل، ثم تجده في الصباح الباكر أول المتقدمين لصفوف العمل .
 وخلال دراسته العليا في بريطانيا، وتحديداً في أدنبرة، كان له غرس مبارك، حيث تبنى مع مجموعة من العاملين في الساحة الإسلامية مركز خادم الحرمين الشريفين في أدنبرة منذ أن كان مصلى صغيراً في هذه البلدة، يرتاده مع الجالية المسلمة، وبعض الطلبة المقيمين، حتى أصبح مركزاً ومنارة من منارات الخير في هذا البلد، وتبناه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله، وتكفل بإنشاء المركز.
وإبان عمله في وكالة الوزارة لشؤون الأوقاف، عمل بتوجيهات المسؤولين في الوزارة، ومن قبلهم ولاة الأمر، على رعاية الأوقاف وتطويرها، وكان مما أسهم به -رحمه الله- تنظيم العديد من مؤتمرات الأوقاف التي زادت عن خمسة مؤتمرات، وندوات عالية المستوى، شارك فيها باحثون ومختصون من كافة أنحاء العالم الإسلامي، والمساهمة في زيادة غلة الأوقاف، واستثمارها .
وقال العمري: لقد كان أخي وحبيبي الفقيد عبد الرحمن المطرودي، من الذين يفضلون الصمت على الكلام، مفضلاً العمل بهدوء، ودونما بهرجة أو ادعاء، عازفاً عن حب الشهرة، لقد حضر إلى حفل تكريم المتقاعدين من منسوبي الوزارة، وقد جاء متأخراً، وامتلأ الصف الأول بأناس يصغرونه سناً ومنزلة، ولكنه رفض قيام أي أحد من مكانه، وجلس في الصف الثاني أو الثالث حتى انتهاء الحفل بنفس طيبة سمحة، وكان يحنو على موظفيه، خاصة الضعفاء والفقراء منهم، بالكلمة الطيبة، والمساعدة، والشفاعة، محتسباً الثواب والأجر من الله -سبحانه وتعالى- دونما منّ أو أذى، وبالستر والكتمان، وكان يتولى بنفسه هذه الأمور الخاصة، ولا يتكل على أحد، لسببين: أولهما المحافظة على مشاعر الناس وأسرارهم، وقضاء حوائجهم بالكتمان، وعدم الإعلان، والأمر الآخر ابتغاء الأجر والمثوبة في السعي في حاجة أخيه المسلم .
مضيفا: لا أنسى أسلوبه الحسن -رحمه الله- في الحديث مع المخالفين، فمن خلال مشاركتي معه في العديد من المؤتمرات الإسلامية، نجد من يخالفوننا في المنهج، ومن لهم مواقف سلبية تجاه علمائنا وبلادنا، فما تنتهي الجلسة، إلا وهذا المنابذ، والمناكف يتحول إلى متلق ومصغ لما كان يملكه "أبو مرام" من أسلوب وحكمة في مداخل الحديث، وحسن الاستهلال، حتى ولو بالدعابة، وقد استطاع تغيير مواقف وآراء أناس بهذا الأسلوب .
ومن الخصال الحميدة للفقيد عبدالرحمن المطرودي -رحمه الله- الوفاء مع معلميه، ومشايخه، ورؤسائه في العمل والدراسة، فقد أبلغني -رحمه الله- قبل يومين من وفاته عن عزمه على أن نحدد أوقاتاً لزيارة العديد من أساتذتنا ومسؤولينا في الجامعة، وزملائنا في الوزارة، ومنهم د. عبد الله الشبل، ود. إبراهيم الفوزان، والشيخ علي الغيث.. ومن وفائه مع أهله وذويه أنه أسهم بجزء كبير مع الموسرين من أفراد أسرته في بناء استراحة كبيرة في طريق الخرج، لتكون مكاناً للاجتماع الدوري لعائلتهم، وكان مع إسهامه بالمال، يقف بنفسه على التنفيذ على الرغم من مشاغله العديدة .
ومن المواقف الطيبة المشهورة له ما حدثني به أحد الموظفين الأعزاء في الوزارة يقول: عدت من مهمة في المدينة المنورة، وكان على متن الطائرة حبيبنا عبد الرحمن المطرودي -رحمه الله- وبعد النزول من الطائرة سألني -رحمه الله- هل معك سيارة أم هناك من يستقبلك في مطار الملك خالد؟ وكنا في ساعة متأخرة من الليل، ومنزلي في جهة، ومنزل الفقيد في جهة أخرى من مدينة الرياض، وهو وكيل وزارة وأنا في مرتبة صغيرة، فأصر وهو يرجوني رجاء أن يوصلني إلى منزلي، فخجلت منه ومن تصرفه، وكنت معه في السيارة وهو يؤانسني بالحديث حتى وصولنا للمنزل، برحابة صدر وبشاشة . 
إن المصاب جلل، فماذا عساي أن أقول أو أتحدث عن "فقيد الجميع" أبي مرام.. إنني أعلم أن من فقدوا أخي وحبيبي الشيخ عبد الرحمن المطرودي، ليسوا أهله فحسب، بل فقده الوطن كرجل من رجالات الدولة المخلصين لولاة الأمر وللوطن، بأمانته ونزاهته، وخسرته وزارة الشؤون الإسلامية بوجه عام، والأوقاف بوجه خاص، وخسرناه قبل ذلك أخاً وصديقاً، وهذا ما لمسته من حزن لدى معالي الوزير الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حين سماعه بنبأ الوفاة، أو في اليوم الذي يليه، وهو يتلقى التعازي بتأثر بالغ، وعلى جميع محبيه وزملائه في الوزارة .
هنيئاً لك أخي وحبيبي عبد الرحمن هذه المحبة، وهنيئاً لك هذه الشهادات الطيبة من إخوانك ومحبيك، والناس شهود الله في أرضه، وهنيئاً لك الدعوات الصادقة ليلاً ونهاراً، وإنا على هذا الدرب سائرون جميعاً .
أخي وحبيبي عبد الرحمن.. نعم الجسد جسدك، ونعم الكفن كفنك، ونعم القبر الذي ضمّك، أسأل الله -سبحانه وتعالى- ألا يحرمك ما دعي لك، خاصة في يوم وفاتك، وفي ساعات مباركة من ذلك اليوم، هي مظان لأوقات تحري وقت الإجابة، فعليك من الله الرحمة والسلام في قبرك يا أبا مرام، والسلام عليك سلاماً لا لقاء بعده في الدنيا، وإنا لفراقك لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل، وما أمرنا به: "إنا لله وإنا إليه راجعون" .




بريدي الالكتروني  

  

  

   مشاهد ذات بهجة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حياك الله ، يشرفني تعليقك .

أعجبني