٢٣‏/٠١‏/٢٠١٠

مشروع بـ(200) مليار فقط

بسم الله
%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%81%D8%AF.png

..
د. عبد العزيز بن عبد الرحمن المقحم
مشروع بـ(200) مليار فقط
السبت 23 يناير 2010
1:26 ص
​مشروع بـ(200) مليار فقط .. هو مشروع مكلف إلى حد كبير لكن كل ريال منه في موضعه رأي العين وليس فيه زيادة عن الحاجة ولا قيد أنملة بل ربما كان فيه نقص وهو مشروع وطني بمعنى الكلمة, فلن يكون أحد ضده إلا من كان ضد الوطن وهو أيضاً مشروع إنساني بمعنى الكلمة ولن يقف ضده إنسان فيه أدنى إنسانية وأجزم أن تركنا له ليس لعدم أهميته ولا لبغض أحد له فكثير من أبناء وطننا العزيز كباراً وصغاراً مسؤولين وغير مسؤولين (مشايخ وعلمانيين إسلاميين وليبراليين) كلهم لهم إسهامات في ذلك المجال أكبر مما نريد في هذا المشروع من أوقاف وصدقات ومشاريع إسلامية وإنسانية.
 
ثم ماذا أيضاً..؟؟ هو مشروع مطبق في كثير من بلدان العالم كثير جداً، بل وفوق ذلك كان له التطبيق الأمثل والأشرف والأعدل في تاريخنا الإسلامي الزاهر.
إنه أهم مشروع على الإطلاق وما من مشروع ما كان إلا هو قبله والذي نفسي ونفوسكم بيده ليس هناك ما يسبقه مما يسمى مشاريع في لغة الاقتصاد اليوم, بل لا تبرأ الذمة إلا به وإنه ليحمل مسؤوليته كل واحد منا لأننا لم ننصح فيه حق النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

 ثم ماذا أيضاً..؟! هو أنفع مشروع.. لا يدانيه في عموم منافعه للأفراد والمجتمع إي مشروع آخر أي والذي بيده نفسي وأنفسكم. ثم هو كما قلت سيعود على اقتصاد بلدنا بعوائد لا يأتي بها النفط ولا بقية المعادن ولا بقية موارد الدول المتعددة الكثيرة.

وكذلك يضمن لأمننا الداخلي والخارجي ما لا تضمنه الجيوش الجرارة والأسلحة المتطورة الفتاكة ولا الخطط والاحتياطات الأمنية ولا أي شيء من ذلك.

باختصار.. شديد.. جداً.. جداً
هو مشروع لا يدانيه مشروع في نفعه للفرد والمجتمع ولا في عوائده الأمنية والنمائية ولا في وطنيته ولا في إنسانيته إنه ما قد نسميه: (دفع العري والجوع.. قبل كل مشروع) أو بلغة أخرى (تشييد الطين.. بعد كفاية المواطنين) إن مما استقر في أذهان الناس وهو خطأ واضح أن أهم المشاريع الواجبة على كل دولة هي الصحة والتعليم وهذا خطأ بل هو وضع للعربة أمام الحصان، لأن التعليم لا يشمل إلا الطلاب فقط وهم لا يمثلون ثلث السكان في كل بلد فأين رعاية ثلثي الأمة؟! أو أكثر من الثلثين؟!! والصحة لا تشمل إلا المرضى وهم لا يمثلون عشر الأمة في كل بلد فأين رعاية تسعة الأعشار الباقية؟!!

إن مشروعاً عملاقاً مهماً في شمال مصر مثلاً أو السعودية أو باكستان لن ينفع أحداً من أهل جنوبها ولا وسطها؟! ومثله مشاريع أخرى نقول عنها مهمة جداً وبنّاءة للوطن لكن تسعة أعشار المواطنين لن يستفيدوا منها ولن يمروا ببابها ولن يسمعوا باسمها ولن يروها حتى في مناماتهم ثم هي ليست من الواجبات ولا المستحبات لا الشرعية ولا العقلية ولا الوطنية وخذ عني أن الإسلام براء من قصر الحمراء ومئذنة سامراء، وكثير من البناء الذي يسمى جهلاً الحضارة الإسلامية، لأن الإسلام ما جعل المال للمشاريع والموظفين في القطاعين العام والخاص فقط، وإنما جعل المال حيث قال الله في المال: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) وقال في الغنيمة كما قال في الفيء (واعلموا أن ما غنتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول.. الآية).

أما كون هذا المشروع أنفع لاقتصادنا وأَدَرُّ وأحفظ لأمننا وأبرُّ فبدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم بدعائهم وإخلاصهم) أخرجه البخاري وغيره من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه , ولذلك فإن المصنفين في الحديث يجعلون هذا الحديث في باب الجهاد لأن رعاية هذه الفئات هي أعظم أبواب الرزق والنصر، بل الرزق والنصر محصوران في رعايتهم كما يدل عليه لفظ الحديث وتطبيق ذلك سهل جداً وميسور بحمد الله وهو أن يفرض لكل بالغ ذكراً أو أنثى – مثلاً – ألف ريال شهرياً أي 12 ألف ريال سنوياً تعطى له في أول كل سنة مالية ويعطى من دون الخامسة عشرة 500 ريال أي ستة آلاف ريال كل سنة أو يُزاد المبلغ قليلاً أو ينقص قليلاً وفي بلد تعداد مواطنيه والمقيمين عشرون مليوناً كبلادنا الغالية قد يصل حجم المشروع إلى 200 مليار في السنة المالية وهذا المبلغ سوف يصرف بالتأكيد لمصالح أخرى ومشاريع أخرى ولن يبقى حبيس الأدراج والخزائن فهل هناك أي مشروع أهم من البطون والكفاف.
 
اسمحوا لي أن أقول بأدب بل بأسف.. لنعتبر هؤلاء وهم غير الموظفين من الصغار والكبار لنعتبرهم أشجاراً تتعاهدها البلديات في كل مدن العالم!! أو حتى حيوانات تنشأ لها الحدائق والجمعيات والمحميات في كل دول العالم!!!
أنشدكم الله لو كان بين أظهرنا حيوانات أو حتى أشجار نافعة هل ندعها تموت هكذا ونحن ننظر بل وعندنا فائض ندعه تذروه الرياح ذات اليمين وذات الشمال وهل تبرأ الذمة بهذا:
 
تموت الأسد في الغابات ..  جوعاً ولحم الضأن يرمى للكلاب
 
كيف يطيب لأحدنا أن يتمطق بمرتب يتجاوز عشرة آلاف وعشرين ألفاً وقد يبلغ مئة ألف في قطاع عام أو خاص وحوله من يتضاغون من الجوع وربما يكون هو من حملة العلم الشرعي أو ذوي الوظائف الشرعية أي أخذها بدينه!! فأين دينه عنه؟!! أليسوا مثله في حب الوطن والإخلاص له والدفاع عنه والصبر على لأوائه ومثله في جميع الواجبات الوطنية، بل ربما كانوا أكثر منه إخلاصاً وصدقاً ووطنية!!
هل المواطنة حقوق لفئة وواجبات على الباقين (تلك إذاً قسمة ضيزى).

ألا فلنتق الله ولنعط هذا الأمر الخطير حقه نصحاً لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم وأول من يجب عليه هذا حملة العلم الشرعي من العلماء والقضاة والدعاة أن ينصحوا في هذا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ويبدأوا بأنفسهم، قال عمر بن الخطاب أول ما استخلف: (ماذا ترون أفعل في هذا المال، قال علي: لا يبقى من رعيتك أحد جائع وعندك منه درهم، قال القوم: القول ما قال علي)، وقال عمر بن عبد العزيز: (وددت والله أني أخرج من الدنيا ولم أضع حجراً على حجر ولا لبنة على لبنة)، وقال الشافعي: (الواجب على الإمام الإحصاء والقسمة – يعني إحصاء الرعية وقسمة نفقتهم – فما زاد جعله في الكراع والسلاح وما يقوي المسلمين)، وإني إذ أكتب هذا لعلى أتم استعداد أن يحسم من مرتبي الشهري نسبة عشرة بالمائة أو عشرين بالمائة لهذا المشروع على أن يصرف في مصارفه ويقوم عليه أناس يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة, ولا أشك أبداً بل أجزم جزماً لا ريبة فيه أن تطبيق هذا المشروع حتى لو بنسبة من رواتبنا نحن الموظفين سيكون له آثار من الخير لا تحصى على بلادنا رخاءً وأمناً بإذن الله والله أكرم ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

 وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم بدعائهم وإخلاصهم، فمن غيرنا لأطفالنا وبناتنا وعجائزنا وضعفتنا، من لهؤلاء غيرنا؟؟ وما حقهم علينا؟ وما حظهم منا؟.

د. عبدالعزيز بن عبدالرحمن المقحم
الأستاذ بالكلية المتوسطة بالرياض .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حياك الله ، يشرفني تعليقك .

أعجبني