بسم الله
اغتيال الضمير
قراءة هادئة لدروس ساخنة
أ.د.محمد بن سعود البشر
قراءة هادئة لدروس ساخنة
أ.د.محمد بن سعود البشر
يعلم المتخصصون والعاملون في وسائل الإعلام أن الممارسة الإعلامية في أي مجتمع محكومة بثقافة هذا المجتمع الذي تتوجه إليه رسالتها ، وأن التباين في القضايا الجوهرية التي تضبط عمل الإعلام ، مثل حرية الرأي والتعبير ، مرتبطة بالأسس والثوابت التي تنطلق منها ثقافة الجمهور ، وبالتالي فإن العلاقة بين حرية الرأي والثقافة التي تصدر منها تفرض قيوداً معينة على استخدامها .
هذه حقيقة مسلم بها ، ودعوى حرية الرأي والتعبير المطلقة هي دعوى كاذبة ، فهي مقيدة بقوانين مكتوبة أو معلومة من المهنة بالضرورة حتى في المجتمعات الغربية التي نشأ فيها هذا المفهوم وشاع رواجه . فأمريكا لا ترضى لشيوعي أن يروج لمذهبه في معقل الديمقراطية ، وإسرائيل لن تسمح لصحافي من أبنائها أن يكتب وينشر مطالباً بأن تكون القدس عاصمة للفلسطينيين ، وهكذا . هناك خطوط حمراء تنتهي عندها حرية الرأي في أي مجتمع ، إما أن تكون مرتبطة بثقافة هذا المجتمع ، أو بأمنه ، أو بسيادة وطنه ومصالحه العليا .
إذا تقرر ذلك ، فإن من نافلة القول أنه في كل بلاد الدنيا هناك معايير وضوابط لحرية الرأي والتعبير .
ونحن في المملكة لسنا بدعاً من الأمم ، فلنا ديننا وقيمنا وأمننا ومصالحنا العليا ، ومناط الأمن الفكري والسياسي والاجتماعي إنما يتحقق بالمحافظة عل الأركان التي تأسس عليها المجتمع ، وأهمها الشريعة التي هي أسُّ هذا الكيان وعماده . والطعن في الشريعة أو رموزها ومؤسساتها في المملكة هو تجاوز لمفهوم الحرية ، وقفز على الخطوط الحمراء ، وهو قفز عبثي يهدد أمن المجتمع وتماسك بنائه . إذ إن المرجعيات الشرعية في المملكة - ممثلة بمؤسساتها ورموزها - هي عصب الحياة النهضوية التي تدور حولها التنمية في بلاد يمثل فيها الدين أساس حياة أفراده ، بل غاية حياتهم . ولو أن المؤسسات الإعلامية في الغرب – بدعوى حرية الرأي والتعبير – تجاوزت في استخدامات هذه الحرية لتُهدد بها المؤسسات المالية التي هي مناط الحياة الرأسمالية وأساس حضارتها المادية لتعرضت هذه المؤسسات أو العاملين فيها لأشد أنواع العقوبة . وكذلك الحال في مجتمع مسلم مثل المجتمع السعودي ، فإن الشريعة ومؤسساتها ورموزها هم أساس هذا البناء ومصدر قوته ووحدته ، بل وبقائه.
لا أدعي أن هذه الحقيقة غائبة عن كثير من العاملين في مؤسساتنا الصحفية ، لكني أجزم أنها مغيبة بقصد وسبق إصرار لحاجة في نفوس بعض القائمين عليها . لقد كانت هذه الصحف مسرحاً عرض علينا سيناريو ( اغتيال الحرية ) ، وقدم مشاهد مؤلمة للنخر الخفي أو المعلن لأسس البناء الذي قام عليه المجتمع ، وأهمها مؤسساتنا الشرعية وعلماؤنا بدعوى حرية الرأي والتعبير ، حتى بات أفراد المجتمع يهزأون من هذا المفهوم كما كان الصحفيون أنفسهم يسخرون من لعبة الديمقراطية في النظم السلطوية والقمعية من حولهم .
في تاريخ الممارسة الصحفية في بلادنا لم نشهد إجماعاً على اغتيال هذا المفهوم كما شاهدناه في الفترة القريبة الماضية عندما أجلب رؤساء تحرير ومن كان معهم من كتبة بألسنتهم وأقلامهم للنيل من أعلى مرجعية شرعية في الدولة بالتعرض المباشر والصريح أو المبطن الملغم لأحد أعضائها ، واحتشد النفير في الليل ليُسوّدوا صفحات الصحف في الصباح بأقصى عبارات التنقص والاتهام لعالم جليل ليزايدوا عليه في سوقهم المحتكرة إلا عليهم ، زمرة من (كبار) الصحفيين وصغارهم لو اجتمعوا كلهم ما بلغوا مُدّ الشيخ ولا نصيفه، في الوطنية، فضلاً عن العلم والتديُّن.
أزمة وعي ، وكارثة ضمير، انتهت تفاصيلها وانفض السامر عن مشاهدها ، لكن العبر والدروس المستخلصة منها لا تزال ساخنة وكبيرة بحجم المأساة التي خلفتها .
وبغض النظر عن من كان يدير الخيوط الخفية لمشهد الاغتيال لهذه الحرية ، فإن هؤلاء الصحفيين ( الكبار !!) قد سقطوا في مستنقع آسن ، كان وبالاً عليهم وحسرة من حيث لا يشعرون .
هم - بمشاركتهم في هذا العمل الجاهل - لا يخرجون من حالين :
- إما أنهم دُمى قبلت أن تتحّرك وفق ما يمليه عليها الغير ،
- وإما أنهم كاذبون في دعواهم بحرية الرأي ، إذ نشروا ما لهم ومنعوا ما عليهم .
وكلتا الحالتين في السوء سواء .
وأياً كان الحال، فقد مارسوا في النفير أحط الأساليب، واستخدموا أقذع الألفاظ، واتصفوا بأرذل الصفات :
- تكلموا في الشريعة بغير علم ، وهذا جهل.
- تزلفوا الى السلطة واستعدوها ، وهذه دناءة.
- طالبوا بإقصاء علماء الشريعة من منظومة التنمية، وهذه خيانة للأمن.
- حرفوا في مقالات زملائهم من الكتاب لتوافق أهواءهم، وهذا غش وتزوير.
- منعوا رأي المخالف لهم من النشر، وهذا استبداد يتقاطع مع شعاراتهم.
نعم ، لقد انتهت تفاصيل المشهد ، وانتهى كل الى نهايته ، وانفض السامر، وخرجت الجماهير الصامتة بعد أن أُجبرت كرها على المشاهدة ، لكن ستبقى الدروس والعبر ، يرويها التاريخ لجيل ( الإصلاح!!).
فأي مصداقية بقيت ( لأساطين !! ) الصحافة السعودية حتى يصدقهم الجمهور ويثق برسالتهم بعد ذلك كله ؟!
وإذا كانت الصحافة هي صوت الشعب ، ومرآة المواطن ، وضمير الأمة، كما نُدرسها لطلابنا ، فأي ضمير تبقّى بعد أن اغتاله هؤلاء ؟!!
http://al-hora.net/showthread.php?t=158039
هذه حقيقة مسلم بها ، ودعوى حرية الرأي والتعبير المطلقة هي دعوى كاذبة ، فهي مقيدة بقوانين مكتوبة أو معلومة من المهنة بالضرورة حتى في المجتمعات الغربية التي نشأ فيها هذا المفهوم وشاع رواجه . فأمريكا لا ترضى لشيوعي أن يروج لمذهبه في معقل الديمقراطية ، وإسرائيل لن تسمح لصحافي من أبنائها أن يكتب وينشر مطالباً بأن تكون القدس عاصمة للفلسطينيين ، وهكذا . هناك خطوط حمراء تنتهي عندها حرية الرأي في أي مجتمع ، إما أن تكون مرتبطة بثقافة هذا المجتمع ، أو بأمنه ، أو بسيادة وطنه ومصالحه العليا .
إذا تقرر ذلك ، فإن من نافلة القول أنه في كل بلاد الدنيا هناك معايير وضوابط لحرية الرأي والتعبير .
ونحن في المملكة لسنا بدعاً من الأمم ، فلنا ديننا وقيمنا وأمننا ومصالحنا العليا ، ومناط الأمن الفكري والسياسي والاجتماعي إنما يتحقق بالمحافظة عل الأركان التي تأسس عليها المجتمع ، وأهمها الشريعة التي هي أسُّ هذا الكيان وعماده . والطعن في الشريعة أو رموزها ومؤسساتها في المملكة هو تجاوز لمفهوم الحرية ، وقفز على الخطوط الحمراء ، وهو قفز عبثي يهدد أمن المجتمع وتماسك بنائه . إذ إن المرجعيات الشرعية في المملكة - ممثلة بمؤسساتها ورموزها - هي عصب الحياة النهضوية التي تدور حولها التنمية في بلاد يمثل فيها الدين أساس حياة أفراده ، بل غاية حياتهم . ولو أن المؤسسات الإعلامية في الغرب – بدعوى حرية الرأي والتعبير – تجاوزت في استخدامات هذه الحرية لتُهدد بها المؤسسات المالية التي هي مناط الحياة الرأسمالية وأساس حضارتها المادية لتعرضت هذه المؤسسات أو العاملين فيها لأشد أنواع العقوبة . وكذلك الحال في مجتمع مسلم مثل المجتمع السعودي ، فإن الشريعة ومؤسساتها ورموزها هم أساس هذا البناء ومصدر قوته ووحدته ، بل وبقائه.
لا أدعي أن هذه الحقيقة غائبة عن كثير من العاملين في مؤسساتنا الصحفية ، لكني أجزم أنها مغيبة بقصد وسبق إصرار لحاجة في نفوس بعض القائمين عليها . لقد كانت هذه الصحف مسرحاً عرض علينا سيناريو ( اغتيال الحرية ) ، وقدم مشاهد مؤلمة للنخر الخفي أو المعلن لأسس البناء الذي قام عليه المجتمع ، وأهمها مؤسساتنا الشرعية وعلماؤنا بدعوى حرية الرأي والتعبير ، حتى بات أفراد المجتمع يهزأون من هذا المفهوم كما كان الصحفيون أنفسهم يسخرون من لعبة الديمقراطية في النظم السلطوية والقمعية من حولهم .
في تاريخ الممارسة الصحفية في بلادنا لم نشهد إجماعاً على اغتيال هذا المفهوم كما شاهدناه في الفترة القريبة الماضية عندما أجلب رؤساء تحرير ومن كان معهم من كتبة بألسنتهم وأقلامهم للنيل من أعلى مرجعية شرعية في الدولة بالتعرض المباشر والصريح أو المبطن الملغم لأحد أعضائها ، واحتشد النفير في الليل ليُسوّدوا صفحات الصحف في الصباح بأقصى عبارات التنقص والاتهام لعالم جليل ليزايدوا عليه في سوقهم المحتكرة إلا عليهم ، زمرة من (كبار) الصحفيين وصغارهم لو اجتمعوا كلهم ما بلغوا مُدّ الشيخ ولا نصيفه، في الوطنية، فضلاً عن العلم والتديُّن.
أزمة وعي ، وكارثة ضمير، انتهت تفاصيلها وانفض السامر عن مشاهدها ، لكن العبر والدروس المستخلصة منها لا تزال ساخنة وكبيرة بحجم المأساة التي خلفتها .
وبغض النظر عن من كان يدير الخيوط الخفية لمشهد الاغتيال لهذه الحرية ، فإن هؤلاء الصحفيين ( الكبار !!) قد سقطوا في مستنقع آسن ، كان وبالاً عليهم وحسرة من حيث لا يشعرون .
هم - بمشاركتهم في هذا العمل الجاهل - لا يخرجون من حالين :
- إما أنهم دُمى قبلت أن تتحّرك وفق ما يمليه عليها الغير ،
- وإما أنهم كاذبون في دعواهم بحرية الرأي ، إذ نشروا ما لهم ومنعوا ما عليهم .
وكلتا الحالتين في السوء سواء .
وأياً كان الحال، فقد مارسوا في النفير أحط الأساليب، واستخدموا أقذع الألفاظ، واتصفوا بأرذل الصفات :
- تكلموا في الشريعة بغير علم ، وهذا جهل.
- تزلفوا الى السلطة واستعدوها ، وهذه دناءة.
- طالبوا بإقصاء علماء الشريعة من منظومة التنمية، وهذه خيانة للأمن.
- حرفوا في مقالات زملائهم من الكتاب لتوافق أهواءهم، وهذا غش وتزوير.
- منعوا رأي المخالف لهم من النشر، وهذا استبداد يتقاطع مع شعاراتهم.
نعم ، لقد انتهت تفاصيل المشهد ، وانتهى كل الى نهايته ، وانفض السامر، وخرجت الجماهير الصامتة بعد أن أُجبرت كرها على المشاهدة ، لكن ستبقى الدروس والعبر ، يرويها التاريخ لجيل ( الإصلاح!!).
فأي مصداقية بقيت ( لأساطين !! ) الصحافة السعودية حتى يصدقهم الجمهور ويثق برسالتهم بعد ذلك كله ؟!
وإذا كانت الصحافة هي صوت الشعب ، ومرآة المواطن ، وضمير الأمة، كما نُدرسها لطلابنا ، فأي ضمير تبقّى بعد أن اغتاله هؤلاء ؟!!
http://al-hora.net/showthread.php?t=158039
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
حياك الله ، يشرفني تعليقك .