خـلجـات شخصيـة
بقلم: الكاتب المغمور
الله الله يا نفسُ بتدبر القرآن ..
الله الله أن لايفوتكِ وردكِ اليومي من التدبر مهما كانت الأعباء..
ووالله إن المؤمن يرى فرقاً في حياته، وفرقاً في فهمه وصحة نظره واستقرار تفكيره ببركة هذا القرآن ..
ووالله إن المؤمن يجد في نفسه بعد تلاوة القرآن شيئاً يحس به كأنما يلمسه من قوة الإرادة في فعل الخيرات والتأبي على المعاصي.. وراحة النفس في صراعات المناهج والأفكار واحترابات التيارات ..
تأملي يانفسُ كيف تشرّف النبي ذاته بالقرآن!
تأملي يانفسُ كيف كانت حال النبي قبل القرآن، وحال النبي بعد القرآن، كما قال تعالى (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ماكنت تدري مالكتاب ولا الإيمان) وقوله تعالى (بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين)..
فانظر بالله عليك كيف تأثرت حال النبي بعد إنزال القرآن عليه، بل انظر ما هو أعجب من ذلك وهو حال النبي بعد الرسالة إذا راجع ودارس القرآن مع جبريل كيف يكون أجود بالخير من الريح المرسلة كما في البخاري، هذا وهو رسول الله الذي كمل يقينه وإيمانه، ومع ذلك يتأثر بالقرآن فيزداد نشاطه في الخير، فكيف بنفوسنا الضعيفة المحتاجة إلى دوام العلاقة مع هذا القرآن..
بل انظر كيف جعل خاصية الرسول تلاوة هذا القرآن فقال (رسول من الله يتلوا صحفاً مطهرة).
وانظر إلى ذلك التصوير الشجي لحال أهل الإيمان في ليلهم كيف يسهرون مع القرآن (أمةٌ قائمة يتلون آيات الله آناء الليل)
أترى أن الله جل وعلا ينوع ويعدد التوجيهات لتعميق العلاقة مع القرآن عبثاًَ؟
فتارةً يحثنا صراحة على التدبر (أفلا يتدبرون القرآن)
وتارةً يحثنا على الإنصات إليه (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتو)
وتارةً يأمرنا بالتفنن في الأداء الصوتي الذي يخلب الألباب لتقترب من معاني هذا القرآن فقال (ورتل القرآن ترتيلا)
وتارةً يأمرنا بالتهيئة النفسية قبل قراءته بالاستعاذة من الشيطان لكي تصفو نفوسنا لاستقبال مضامينه (وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)
وتارةً يغرس في نفوسنا استبشاع البعد عن القرآن (وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا)
وتارات أخرى ينبهنا على فضله، وتيسيره، وعظيم المنة به، الخ الخ كل ذلك ليرسخ علاقتنا بالقرآن.
أيا نفسُ .. هل كان كل ذلك اتفاقاً ومصادفة لا تحمل وراءها الدلالات العميقة؟!
اللهم اجعلنا من أهل القرآن، اللهم اجعل القرآن أنيسنا في ليلنا ونهارنا، اللهم شفع سورة تبارك فينا في قبورنا، اللهم اجعل البقرة وآل عمران غيايتان تحاجان لنا يوم القيامة، اللهم أحبنا بحبنا لسورة قل هو الله أحد، اللهم آمين، اللهم آمين..
ابوعمر
ليلة عاشوراء 1431هـ
--
"أسفاً لعبد كلما كثرت أوزاره قل استغفاره ، و كلما قرب من القبور قوي عنده الفتور"
ابن الجوزي رحمه الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
حياك الله ، يشرفني تعليقك .