الهُجُوم المتعدِّد على الشيخ المنجِّد!
(1)
فما على البدر أن قالوا به كلَفٌ ** ولا على المِسكِ أن المِسكِ مفتوتُ
وطالما أُخليَ الياقوتُ جمرَ غضا ** ثم انطفى الجمرُ والياقوتُ ياقوتُ
(2)
( قالُوا تقَاسَمُوا باللهِ لَنُبيِّتنّه ) ..
بطريقةٍ منظمةٍ يظهرُ فيها جلياً تبادلُ الأدوارِ وتوزيعِ المهام؛ لِمحاولة صناعة رأيٍ عامٍ موهوم؛ قامَ حفنةُ من منتجاتِ الفكر الليبراليّ بهجومٍ بغيضٍ ساقِط على فضيلة شيخنا الشيخ محمد صالح المنجِّد – وفقهُ الله وأعزّ بهِ دينه - ، ليقوموا من خلال ذلك بتمرير مشروعهم التغريبي – الذي لم يعُد خافياً على أحد – بطريقة فجَّة تتعارضُ مع أبسطِ القواعدِ الأخلاقية وأعرافِ المهنة الصحفية، فضلاً عن أحكام الشريعة الغرّاء، ممارسين بذلك أبشع أنواع الإرهاب الفكري، عن طريق قلب الحقائق وتحريف الكلم عن مواضعه، والاستعداء والتأليب، بشكل سافرٍ وقبيح؛ يُظهِرُ بِجَلاءٍ زيف ما ينادون به من شعاراتِ : التعايش، وقبولِ الرأي الآخر، متذرعين في ذلك كلِّه بالحرصِ على المصلحة الوطنية ..
(3)
كما وقد شاركَ في هذا الهحومِ وفي نفسِ التوقيت : بعضُ الطيِّبينَ المحسوبينَ على التيّارِ الإسلاميّ ؛ ذوي المنهجِ العصرانيِّ المتلوِّن ، فأخذوا يُقلِّبونَ منهجَ الشيخِ المنجِّد ، ويُقيِّمونهُ ويُفسِّرونهُ كيفَ شاءوا ، غيرَ مُبالينَ ولا مُراعينَ لِما يتعرَّضُ لهُ الشيخُ من تأليبٍ وتحريض فاجر من مُنتجاتِ الفكرِ الليبراليِّ الفاسِد ..
(4)
فأصبَحَ بهذا شيخنا المنجِّد – وفقهُ اللهُ – بينَ هجومِ أولئكَ وخصومتهمُ الفاجرة ، ونقدِ هؤلاءِ الطيِّبينَ - الذينَ لم يُراعوا حالاً ولا توقيتاً – وتأويلاتهمُ الباطلة .. ليُصبِحَ لِسانُ حالُ الشيخ – وفقهُ الله – كما قالَ الأول :
تكاثرتِ الضِّباءُ على خُراشٍ ٍ .. فما يدري خُراشٌ ما يُصيبُ
(5)
هذا وإنني أعتقدُ للشيخِ المنجِّد كما أعتقدُ لغيرهِ من أئمةِ الدين؛ من عدمِ العصمةِ ، وأنهُ يعرضُ لهُ ما يعرضُ لغيرهِ من الخطأِ والنِّسيان .. لكنَّ الردّ على الشيخِ المنجِّد وغيرهِ من العُلماء ليسَ كالردِّ على دهماءِ الناسِ وعامّتهم ، تقديراً للعلمِ الذي يحملونه ، والمنهجِ الذي يحمُونه ، والشرعِ الذي يصُونونَه ..
(6)
كما ينبغي أيضاً عندَ نقدِ هؤلاءِ العلماءِ وتصويبهِم أن يكونَ ذلكَ من معروفٍ بسلامةِ المنهج ، وبراءةِ الذِّمةِ والمعتقَد ، طاهرَ الأردان ، عفَّ اللِّسان ، عالمٌ بالحلالِ والحرام ، غيرُ متِّبعٍ لهواهُ وشهوتِه ، وحاشا أولئكَ الذينَ تحدّثوا، أعني أُغيْلِمةَ الصحافة ، من أن تشملُهم هذهِ الصفات .
(7)
إنّ مثلَ الشيخِ محمد صالح المنجِّد ومثل هؤلاءِ الأغرار ، كمَثِل الشاعرِ الذي قال :
قالوا : تحفّظ فإن الناس قد كثُرت ** أقوالُهم وأقاويلُ الورى مِحَنُ
فقلتُ : هل عيبُهم لي غيرَ أني ** لا أدينُ بالدجل إذ في دجلِهم فتنُ
(8)
مَن لِمُنتجاتِ الفكرِ الليبراليّ بمثلِ زياد؟!
خطبَ زيادُ بن أبيه يوماً فقال : أيّها النّاس ! إنّي بِتُّ ليلتي هذه مهتمّاً بخلالٍ ثلاث؛ رأيتُ أن أتقدّم إليكم فيهنّ بالنّصيحة ، رأيتُ إعظام ذوي الشّرف ، وإجلالَ ذوي العلم ، وتوقيرَ ذوي الأسنان ، واللهِ لا أُوتى برجلٍ ردّ على ذي علمٍ ليضعَ بذلك منهُ إلاّ عاقبتُه ، ولا أُوتى برجلٍ ردّ على ذي شرفٍ ليضعَ منهُ إلاّ عاقبتُه ، ولا أُوتى برجلٍ ردّ على ذي شيبةٍ ليضعَ منهُ بذلك إلاّ عاقبته ، إنّما النّاسُ بأعلامِهم وعلمائهم وذوي أسنانهم .
(9)
سبحانَ الله!
أرادَ المُغرِضونَ شيئاً وأرادَ اللهُ شيئاً غيرَ الذي أرادوا ..
أرادوا إسقاطهُ؛ وأبى اللهُ إلا أن يرفعهُ لِيجعلَ منهُ رمزاً لأهلِ الإيمان ..
أرادوا التحريضَ به وإيغالَ صدورِ الوُلاةِ عليه؛ وأبى اللهُ إلا أن يصرِفَ القلوبَ إليه ..
أرادوا اِتِّهامَ فهمِهِ وعِلمه؛ وأرادَ اللهُ لعِلمهِ أن ينتشِر بينَ الناس لِينتفعَ بهِ القاصي والدّاني ..
صدَقَ ربِّي - جلّ ربي - : ( فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعلَ اللهُ فيهِ خيراً كثيراً ) ، ( لا تحسبوهُ شراً لكم بل هوَ خيرٌ لكم ) ، ( ويمكرونَ ويمكرُ اللهُ واللهُ خيرُ الماكرين ) ، ( إنهم يكيدونَ كيداً وأكيدُ كيداً ) .
(10)
إنّ تركَ المجال لأقلامِ فاجرة تُهاجمُ الشريعة؛ وتنتقصُ العلماءَ ، وتُؤلِّبُ عليهم ، معَ لجمِ أقلامِ الخيرِ والصلاح والإيمان؛ ( نذيرَ شؤمٍ ) ، ( ودليلَ خطَرٍ ) ، ( ومُؤشِّرَ فتنة ) ، وإنَّ الظنَّ بأهلِ الحلِّ والعقد والرأيِ الصائبِ السديد السّعيَ الحثيثَ لِمُعالجةِ هذا وتعديلِه ، قبلَ أن يعُمَّ البلاءُ ويتّسِعَ الخرقُ على الراقع ، فيكونَ الندمُ ولاتَ ساعةَ مندَم ..
عبد الرحمن بن محمد السيد – تبوك
Am.daaw@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
حياك الله ، يشرفني تعليقك .